إعلان منتصف المقال
30\3\2025
يحل علينا عيد الفطر المبارك فتتزين القلوب بفرحة المنتظرين، وتضاء البيوت بمشاعر السرور والبهجة، لكن في بلادي فلسطين من غزة إلى الضفة، ومن القدس إلى مخيمات الشتات يأتي العيد مختلفا، هناك في بلادي لا صوت للفرح بل أنين الثكالى، ولا زينة تعلق إلا على أكفان الشهداء الذين خطفتهم آلة الحرب الإسرائيلية بلا رحمة.
فبينما يستقبل المسلمون في أرجاء المعمورة العيد بالتكبير والتهليل، يستقبله أهل غزة بالدموع والنحيب في المقابر التي ضاقت بأحبابهم، ولم تعد تتسع لراحلين جدد، في كل زاوية تجد طفلاً يبحث عن أبيه الذي رحل وأما تضم صورة ابنها الشهيد لصدرها علها تستشعر شيئا من دفئه الذي غيبه الموت بالقصف الإسرائيلي الغاشم، والعيد الذي يفترض أن يكون فرحة للمسلمين جميعا بات في غزة موسما بالمعاناة والألم فطائرات الاحتلال لا تفرق بين شيخ وامرأة وطفل ولم تترك فسحة للفرح إلا وطمسته بإنفجارات صواريخها،
ومع ذلك ورغم الموت والدمار تبقى غزة عنوان الصمود ويبقى أهلها واطفالها يحملون بقايا أمل في قلوبهم بأن العيد القادم لن يحمل الدموع والآلام بل سيحمل معه السلام والحرية لكل فلسطين.
أما في ضفتنا الأبية فالاحتلال يحكم قبضته ويضيق الخناق على أهلنا عبر الاقتحام والاعتقال وهدم المنازل ومصادرة الأراضي حتى العيد هناك لم يسلم من انتهاكات المحتل فالطرق مغلقة، والمساجد محاصرة، والفرحة مكبلة بالقيود، وفي شوارع نابلس وجنين والخليل وطولكرم وكل فلسطين تجد الأطفال محرومين من أبسط حقوقهم في اللعب والاحتفال بالعيد إذ تغتال رصاصات الاحتلال الغاصب أحلامهم كما اغتالت أرواح شبابهم الثائرين.
وفي القدس حيث يفترض أن يكون العيد أجمل، فإن الإحتلال يمنع المصلون من الوصول إلى المسجد الأقصى ويضيق على المقدسيين في مدينتهم، فتتحول باحات الأقصى من مكانا لصلاة المسلمين إلى ساحات مواجهة وتحدي وصمود، ويظن المحتل أن بإمكانه سرقة العيد من قلوب المقدسيين لكنه يجهل أن فرحة الصمود والدفاع عن أولى القبلتين أقوى من بطشه وأن حب القدس يسكن القلوب رغم القيود.
أما في مخيمات الشتات، حيث يقضي الفلسطينيون أعمارهم بعيدين عن فلسطين يبقى العيد ناقصا مهما حاولوا رسم الابتسامة على وجوههم، هنا بالمخيمات والتجمعات النكبة لم تنته واللجوء صار قدرا، يعيشه اللاجئون بين الحنين للوطن والأمل بالعودة، وعيدهم ليس ككل الأعياد فذكريات الأرض المسلوبة لا تفارقهم وصور الأحبة الذين استشهدوا أو غابوا لا تغادر وجدانهم.
عيد بأي حال عدت يا عيد؟
هو عيد حزين في فلسطين الوطن والشتات لكنه أيضا عيد الصمود والمقاومة التي يجسدها أبناء شعبنا ففي كل بيت هناك أم ترفع يديها بالدعاء، وفي كل شارع مدمر هناك طفل يحلم بوطن حر مستقل، وفي كل قلب موجوع هناك أمل لا ينطفئ بأن العيد الحقيقي سيأتي مع رحيل الاحتلال وعودة فلسطين لأهلها حرة عربية عزيزة مستقلة.