recent
أخبار الساخنة

"ديلفري" الحرب: شبان يمتهنون إفراغ منازل الضاحية بأثمان باهظة

الصفحة الرئيسية



خرجوا أهالي الضاحية من منازلهم حاملين الأوراق الرسمية والقليل من الثياب(علي علوش)


في الأسابيع الأخيرة ومع ارتفاع وتيرة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، برزت مهن جديدة، تهدف لتيسير أمور السكان من جهة، وكسب المال من جهة أخرى. فإن كنت تملك أي شقة سكنية في المنطقة المُستهدفة، ولا ترغب بالدخول إلى المنزل خوفًا من القصف، وبحاجة إلى لوازم ضرورية، ما عليك سوى دفع مبلغ من المال لشخصٍ محدد، هو من يتولى هذه المهمة عنك.


"مهنة المخاطر"


أحمد (35 عامًا)، شاب لبنانيّ من سكان الضاحية الجنوبيّة. ترك منزله في منطقة حارة حريك منذ حوالى الشهر، ومع ازدياد الغارات العنيفة على الضاحية، لم يعد بامكانه الدخول إلى المنطقة، خوفًا من أي غارة فُجائية. دفعته حاجته الملحة لثيابه، إلى الاستعانة بشخصٍ وافق على الدخول إلى شقته، مقابل مبلغ 70 دولاراً أميركياً. ويقول لـ"المدن" "إلتقيت والشاب عند مشارف الضاحية الجنوبية. انتظرته داخل سيارتي. أعطيته مفتاح المنزل ومجموعة من الأكياس البلاستيكية الفارغة لتعبئة الثياب داخلها، وبقينا على تواصل هاتفي طوال فترة وجوده داخل منزلي، وحددت له الثياب التي أريدها ومكان تواجدها، لكنه لم يوافق على البقاء داخل المنزل لأكثر من 15 دقيقة، فإن أصوات طائرات الإستطلاع في المنطقة كانت قوية جدًا". يضيف: "كنت بحاجة لجميع ثيابي وتحديدًا ثياب فصل الشتاء، فالحرب طويلة ولا قدرة لي على شراء ثياب جديدة، فطلبت منه الدخول مرة أخرى في اليوم التالي، ووافق وطلب مني مبلغ 40 دولاراً أميركياً".

تفاوت الأسعار


عمليًا، هذه المهنة بدأت تلقى رواجًا كبيرًا في الضاحية الجنوبيّة، خصوصًا مع تغيير ملامح المنطقة وتحويلها إلى مدينة أشباح خالية من سكانها، وفي ظل خطورة الدخول إليها والخروج منها، فضل الكثير من السكان دفع المال لأصحاب هذه المهنة المستجدة، مقابل إخراج لوازمهم الضرورية من المنزل. وحسب معلومات "المدن"، فإن التكلفة ليست ثابتة بل تتفاوت وفقًا للظروف. أي أن لكل خدمة "تكلفة خاصة". يعني، إن دخول المنازل له تكلفة معينة يتم الإتفاق عليها، أما تفريغ البضائع من متاجر ومحلات الضاحية الجنوبيّة، فالمؤكد أن التكلفة ترتفع. وبالتالي فإن الأسعار تبدأ بـ40 دولار أميركي، وصولًا لأكثر من 1000 دولار أميركي. وحسب معلومات "المدن" فإن أصحاب المحلات التجارية يحاولون بشكل يوميّ إخراج بضائعهم من محلاتهم في المناطق المُستهدفة، وقد لجأ بعضهم إلى حدّ الإستعانة بشبان لمساعدتهم في تفريغ البضائع مقابل مبالغ مالية محددة.

وتفاقمت أزمة سكان الضاحية الجنوبية في الأسابيع الأخيرة، وتحديدًا في شهر أيلول الماضي. وبعد مجزرة الـ"PAGERS"، وتفجير الأجهزة اللاسلكية التابعة لشبكة اتصالات حزب الله، واغتيال القيادي إبراهيم عقيل، تضاعفت حركة نزوح السكان، بعد تأكدهم بأن المنطقة لم تعد آمنة بتاتًا. خرجت مئات العائلات على حين غرة، تركت منازلها، حاملةً لوازمها الضرورية وما تيسر أمامها في أكياس بلاستيكية وحقائب صغيرة.

المؤكد أنه ما من أحد كان يتوقع سرعة الأحداث الأخيرة، لذلك أخليت المنازل فجأة، وحمل الأهالي أغراض تكفيهم لأسبوع واحد فقط، ظنًا منهم أنهم سيعودون إليها بعد أيامٍ قليلة، تمامًا كما حصل بعد اغتيال القائد فؤاد شكر في حارة حريك، حين عاد سكان المنطقة إلى منازلهم وفتحوا محلاتهم التجارية وتابعوا حياتهم بشكل طبيعي بعد أقل من أسبوع واحد على الاغتيال. إلا أن هذه المرة كانت مختلفة تمامًا، تركوا منازلهم من دون تحديد تاريخ لعودتهم.

ضعف الإمكانيات المادية


وعليه، يعاني غالبية السكان من نقص كبير في أغراضهم الضرورية، وحسب معلومات "المدن" فإن العدد الأكبر من المواطنين تركوا منازلهم حاملين أوراقهم الرسمية فقط وبعض الثياب، إذ لم يتوقعوا أنهم سيحتاجون للثياب المخصصة لفصل الشتاء، ولفرش إسفنجية وحرامات، أو للأدوات الكهربائية ولوازم المطبخ. وتفاقمت هذه الأزمة بعدما ارتفعت أسعار الشقق السكنية الخالية من الأثاث بشكل خياليّ. لذلك، فضلوا الدفع بشكل يوميّ لمن يتمكن من إخراج جميع أغراضهم من المنزل، عوضًا عن شرائها من الأسواق المحلية بأسعار مرتفعة في ظل الأزمة المالية الخانقة التي يعانون منها، خصوصًا بعد توقف أعمالهم.

google-playkhamsatmostaqltradent