يعيش طلاب فلسطينيي سوريا في لبنان واقعاً مريراً، حيث أصبح حلمهم في التعليم كابوساً يومياً بسبب الأوضاع الإنسانية المتردية والقيود القانونية التي تعترض طريقهم.
ويواجه هؤلاء الطلاب معوقات هائلة تحول دون تمكنهم من استكمال تعليمهم، تبدأ بالحصول على إقامة قانونية، وهي وثيقة أساسية للتسجيل في المدارس والجامعات، ولإتمام امتحاناتهم الرسمية.
مديرية الأمن العام اللبناني لم تمنح الفلسطينيين السوريين الذين دخلوا لبنان بعد عام 2016 إقامة شرعية، مما زاد من تعقيد حياتهم اليومية، هذا الأمر يتسبب في منع العديد من الطلاب من الحصول على أوراق تثبت هويتهم، خاصة لمن دخل لبنان طفلاً ولم يتمكن من الحصول على بطاقة شخصية أو جواز سفر بسبب التكاليف الباهظة التي تصل إلى 325 دولاراً للجواز العادي و800 دولار للمستعجل.
ويواجه الطلاب مصاعب كبيرة في استكمال دراستهم، أم محمد، والدة أحد الطلاب، تقول: "تصرّ مدرسة ابني على الإقامة حتى ترفع طلب ترشيحه لامتحان الشهادة الثانوية، منذ سنة ونصف وأنا أتصل بالأونروا لإيجاد حل للإقامة، ولكن دون جدوى".
عبد الله، طالب جامعي، يروي تجربته قائلاً: "وضع لي الأمن العام تسفير منذ 2017 ومنعني من تجديد إقامتي، رغم ذلك، استكملت دراستي في الجامعة اللبنانية، ولكن هذا العام طلبت الإدارة مني الحصول على إقامة لاستكمال التسجيل، ورُفض طلبي من الأمن العام، الآن، أنا مجبر على مغادرة لبنان، ولكن ليس لدي مكان أذهب إليه، وكل سنوات دراستي أصبحت بلا فائدة".
من جهة أخرى، تعاني بيسان من معضلة مشابهة حيث لم تستطع الحصول على إقامة طالب بسبب عدم تقديم الجامعة لورقة التسجيل التي تطلبها، بينما الجامعة ترفض إعطاء الورقة دون إقامة.
آية، طالبة في كلية الحقوق، اضطرت للتوقف عن الدراسة منذ عامين لعدم قدرتها على تجديد جواز السفر الذي يمكنها من تجديد الإقامة.
هذه الصعوبات القانونية تترافق مع ضغوط نفسية هائلة. تتحدث سلوى، وهي طالبة في إحدى مدارس الأونروا، عن الضغوط المستمرة التي تتعرض لها وزميلاتها من قبل إدارة المدرسة للحصول على إقامة تحت تهديد منعهن من تقديم الامتحانات الرسمية.
التحديات لا تتوقف عند هذه النقطة، بل تتفاقم مع التمييز والتنمر الذي يتعرض له الطلاب الفلسطينيون السوريون في المؤسسات التعليمية والدوائر الحكومية، مما يعرقل معاملاتهم، حتى لو كانوا يحملون جميع الأوراق المطلوبة.
السيد (ر. ح)، والد لطالبين تخرجا من معهد فني، يتحدث عن خيبة أمله بعد أن رفضت مديرية التعليم الفني والتقني في بيروت تسليم شهادات أبنائه بسبب انتهاء إقاماتهم.
إن حرمان هؤلاء الطلاب من حقهم في التعليم هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وتقول فاطمة، معلمة في إحدى المدارس: "أرى في عيون طلابي الكثير من الحزن والإحباط، إنهم أذكياء وموهوبون، ولكنهم محرومون من الفرصة لإظهار قدراتهم".
الناشط الفلسطيني أبو المعتصم بالله شعبان يطالب الجميع بتحمل مسؤولياتهم والعمل على إيجاد حلول عاجلة ودائمة لهذه الأزمة، ويؤكد أن الفلسطيني السوري لم يبقَ له إلا أمل واحد، وهو تعليم أبنائه بكرامة.
هذه القصص وغيرها من معاناة الطلاب الفلسطينيين السوريين في لبنان تمثل صرخة استغاثة للحكومة اللبنانية ووزارة التربية وسفارة دولة فلسطين ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومنظمة التحرير الفلسطينية ومنظمات المجتمع مدني، أن يتحملوا مسؤولياتهم وأن يعملوا جاهدين لإيجاد حلول عاجلة ودائمة لهذه الأزمة.