إعلان منتصف المقال
السبت، 10 أيلول، 2022
كانت آمنة في الثالثة من العمر حين خرجت مع عائلتها من فلسطين، إثر قصف الطائرات الإسرائيلية بيت أسرتها، واستشهاد أختها البالغة سنة واحدة حينها، وإصابة أختها الثانية التي تكبرها بأعوام.
اليوم تقيم آمنة التي تتحدر من بلدة دير القاسي المشيّدة على تلة وسط الجليل الأعلى الغربي، وتبعد 5 كيلومترات من جنوب حدود لبنان، في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين ببيروت، بعدما تنقلت من مكان إلى آخر بسبب الحروب في لبنان.
تقول لـ"العربي الجديد": "روت لي أمي أن بيتنا في فلسطين دمّر فوق رؤوسنا، إذ كان قريباً من مدرسة قصفها العدو الصهيوني، فأخطأت إحدى القذائف وسقطت على سقف منزلنا الذي هبط على رؤوسنا. وقد انتشلني أهلي من تحت الردم، من دون أن أصاب بأذى".
تتابع: "توجهنا إلى منطقة عيتا الشعب، جنوب لبنان، ومنها إلى مخيم البرج الشمالي، إذ فتشنا عن مكان وجود الفلسطينيين والتحقنا بهم، ثم انتقلنا إلى منطقة بعلبك حيث أقمنا 3 سنوات في ثكنة غورو. حينها عمل والدي أجيراً يومياً في الزراعة والبناء قبل أن ننتقل إلى مخيم تل الزعتر ببيروت".
تركت آمنة المدرسة بعدما أنهت الصف الخامس الأساسي حين كانت في سن الـ12، وعملت مع أختها في مصنع عسيلي للنسيج بمنطقة الجديدة، شرق بيروت، أما والدها ففتح محلاً لبيع ملابس عتيقة (بالة). عملت 6 سنوات في المصنع، ثم تركته وتزوجت، ومنحت تعويضها لأخيها كي يتعلم هندسة الكهرباء في مصر قبل أن يسافر للعمل في ليبيا، ويعود بعد اتفاق أوسلو عام 1993، بعدما طرد معمر القذافي الفلسطينيين من البلاد.
أنجبت ست بنات، وكانت في الـ35 من عمرها عندما سقط مخيم تل الزعتر الذي خرجت منه تحت وطأة الخوف والسلاح. وتخبر بأن والدها قتل أمام عينيها حين كان في الخمسين من العمر، ثم توجهت إلى منطقة الدكوانة، شرق بيروت أيضاً، فحاول شخص قتل أفراد من عائلتها للثأر من مقتل شقيقه في معارك تل الزعتر، فحضرت فرق الصليب الأحمر ونقلت عائلتها إلى المدينة الرياضية ببيروت، قبل أن تتوجه إلى منطقة الدامور.
وإثر الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، تفرّق الفلسطينيون أكثر، وانتقلت آمنة للعيش في مخيم شاتيلا الذي شهد مجزرة حتمت هروبها لفترة مع أولادها الثمانية إلى أماكن مختلفة في بيروت، قبل أن تعود.
وفي عام 1985، عاشت تهجيراً جديداً مع اندلاع حرب المخيمات، ما جعلها تشعر بوجع كبير من الحال. أما اليوم فتقول: "ليتني أعود إلى فلسطين، وأموت في بلدي. هنا نسمى لاجئين، في حين نريد أن نكون مواطنين، ونرجع إلى أرضنا الغنية بالتين والزيتون والتبغ والعنب".