recent
أخبار الساخنة

- معركة الارادات بوجه مخطط التصفيات -

الصفحة الرئيسية



من المنطق السياسي ان نقول بأن معركة صفقة القرن قد بدأت، وقطعت شوطاً على مستوى العدوان السياسي، والميداني، بل أخذت طابع الشمولية في الاطار الإقليمي لتطويق وخنق القضية الفلسطينية، وهي المُستهدَف الحقيقي من خلال الحراك الساخن عسكرياً وأمنياً، والمترافق مع الضجيج السياسي، والاعلامي الممهور بالتدجيل والتزييف لتغيير المعادلات، وضرب الاصطفافات القائمة، ثم إعادة تركيبها، بهدف تكتيل العدد الاكبر من دول المنطقة في جبهة تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني، عبر العامل الأميركي الأشدّ صهيونية، وعنصرية، وفي الوقت نفسه تسويق معادلات باطلة تقوم على أن العدو الحقيقي هي إيران، وليست الكيان الاسرائيلي، الذي شرَّد الشعب الفلسطيني من أرضه، واستوطن هذه الارض التاريخية. ويدعي أنه لا يوجد دولة للفلسطينيين، وانما هي الدولة القومية اليهودية، وأنه لا مجال لوجود شعب آخر غير اليهود على هذه الارض. الرئيس الاميركي ترامب يسابق الزمن ليترجم معتقداته الصهيونية المعادية اولاً للشعب الفلسطيني، كونه النقيض الشرعي والسياسي والتاريخي للحركة الصهيونية التي أنجبت الكيان الاسرائيلي، كما أنه جادُّ في إنهاء حلقات التآمر، وتنفيذ مشاريع التصفية بعد ما سُمِّي بالربيع العربي، الذي دمَّر الوطن العربي، واقتصاده، ووحدة أبنائه.
صحيح أنَّ الهجمة متواصلة وشرسة بل هستيرية، لأن حالة الصمود الفلسطيني المميزة، والتمسك بالثوابت الوطنية، والمواقف الراسخة التي لا تتزحزح إزاء الخطوط الحمر الفلسطينية، التي عبرت عنها القيادة الفلسطينية عبر سيادة رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس، وهي المواقف التي احتضنتها والتزمت بها جماهير شعبنا في الداخل وفي الشتات. وهذا الأمر بات جلياً وثابتاً رغم التهديدات والضغوطات الاميركية والاسرائيلية. ولتوضيح أبعاد وجوهر ما نتحدث عنه سنأتي على ذكر مجموعة حقائق تربك الحسابات الصيهونية:
أولاً: بات واضحاً للجميع أنَّ الموقف الفلسطيني من صفقة القرن منذ إعلانها لم يتغيَّر ولم يتبدَّل، وهناك إصرار عليه عبَّر عنه قائد المسيرة أبو مازن في كافة القمم والمؤتمرات، واللقاءات، حيث قال لا لترامب، لا لصفقة القرن، القدس لنا، والأرض أرضنا، ونحن متمسكون بقرارات الشرعية الدولية التي حددت مسار عملية السلام، وأوضحت الحقوق الوطنية الفلسطينية إستناداً إلى القوانين والمعاهدات والمقررات الصادرة عن الامم المتحدة، وكافة الهيئات الدولية.
ثانياً: الرئيس أبو مازن أسقط شرعية صفقة القرن عندما قال: نحن لن نقبل بواشنطن وسيطاً، أو حكماً في الموضوع الفلسطيني، لأنها طرف منحاز إلى الكيان الصهيوني، وتفتقد إلى المصداقية، وهي التي تعمل على تدمير كافة القرارات المتعلقة بوجود الدولة الفلسطينية، كما أن واشنطن بشخص رئيسها ترامب هو يسعى لحماية الاحتلال الصهيوني.
ثالثاً: إن مهزلة ترامب وصفقته التي داست على كل القوانين الدولية، وكل القيم الانسانية، والدينية، والتي قضت باعتراف واشنطن أن القدسَ عاصمة العصابات الصهيونية، وقامت واشنطن بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، ظناً منها أنها تستطيع التصرفَ بالعاصمة التاريخية للفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين، وكان رد الرئيس أبو مازن صارماً وحازما،ً وبكلماتٍ قليلة لكنها أقوى من القنبلة الذرية:((القدس ليست للبيع)) ففيها الاقصى والصخرة، وفيها صلى كلُّ الانبياء خلف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها كنيسة القيامة.
رابعاً: الموقف الحاسم، والرد الصارم والواضح على خصم أموال المقاصة -والتي هي حق فلسطيني- من أجل أن لا تتمكن منظمة التحرير من دفع رواتب الشهداء، والاسرى، والجرحى، وكان ردُّ الرئيس بليغاً ومليئاً بالعنفوان عندما قال:
"لو لم يبقَ معنا إلاَّ قرشٌ واحدٌ سندفعه للشهداء والأسرى وليس للاحياء."
صحيح أن هذا القرار كانت له نتائج قاسية على رواتب كافة الموظفين والعاملين، والكوادر، والعناصر. لكنَّ رأسنا بقي مرفوعاً، لأننا حافظنا على عائلاتِ أشرفِ الناس في شعبنا، وأفشلنا المؤامرةَ التي رسمها الاحتلالُ وأعوانه بإيجاد أزمة داخل المجتمع، وقلنا للاحتلال إنَّ شهداءنا، واسرانا، وجرحانا ليسوا إرهابيين، وانما هم ثوارٌ ومقاتلون من أجل الحرية والاستقلال، وهؤلاء وأهلهم مِن عِلِّيَّةِ القوم، وهم الاكرم منا جميعاً، ولن نغيِّر قناعاتنا.
خامساً: أنَّ اللقاء الذي تمَّ في البحرين، تحت عنوان إيجاد حلول للموضوع الفلسطيني، وايجاد فلسطين جديدة، ومحيط عربي منتعش إقتصادياً، يدل على أن ترامب وفريقه لم يقرأوا تاريخ الشعب الفلسطيني، وكفاحه الوطني المتواصل، وهم يجهلون حقائق الصراع، ودائماً ينظرون بالعين الاسرائيلية الصهيونية إلى كافة القضايا. وهم لأنهم بدون مبادئ وقيم وطنية، يعتقدون بأنَّ الثوابت والتطلعات الوطنية يمكن استبدالها بالاموال، وأنَّ الشعب الفلسطيني يمكن أن يخضع للاغراءات المالية والاقتصادية.
ولذلك كان الموقف الفلسطيني على لسان القيادة الفلسطينية، وخاصة الرئيس أبو مازن عندما قال للجميع: إن قضيتنا ومشكلِتنا مع الاحتلال الاسرائيلي هي قضيةٌ سياسيةٌ وحقوقٌ قانونية، وليست إغراءات إقتصادية، والمطلوب تنفيذ القرارات الدولية التي تدعو إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967، وعا صمتها القدس، وتطهير أراضي الدولة ذات السيادة من كافة المستوطنات، وفك قيد كافة الأسرى والمعتقلين، ولذلك عندما دعا الرئيس أبو مازن كل الأطراف والجهات الفلسطينية إلى مقاطعة ورشة البحرين، واستجاب الجميع، ومن حضر من الاطراف العربية لم يكن صاحب قرار، ولذلك فشلت هذه الورشة، وانتهت والخيبةُ تحيط بها، وانتصرت فلسطين لأنها أفشلت المؤامرة.
سادساً: يجب أن لا ننسى بأن الأساس في الانهيارات التي أصابت صفقة القرن المتعلقة بالجانب الفلسطيني، هو إصرار الرئيس محمود عباس على موقفه  الوطني والأصيل، والمشِّرف برفض التوقيع على اية حلول أو مشاريع مشبوهة، فنحن أصحاب القضية، ونحن أسياد الموقف، ومهما حاولوا حصارنا وتجويعنا، وتدمير بيوتنا، وقتل أطفالنا وشبابنا، ونسائنا، فإنَّ الرئيس أبو مازن هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهو الذي يملك حقَّ التوقيع على أي أتفاق معترف به رسمياً، وهو حريص على الالتزام بالقرارات المتفق عليها في المجالس الوطنية والمركزية ولديه الجرأة لرفض أي قرار يتعارض مع المصالح الوطينة العليا.
الحاج رفعت شناعة
عضو المجلس الثوري
ومسؤول الاعلام في  الساحة اللبنانية
27/6/2019
google-playkhamsatmostaqltradent