recent
أخبار الساخنة

المواطن المستقر ومسرحية في تاريخ الوطن بقلم الدكتور عبد الناصر أبو خليل *

الصفحة الرئيسية


يقول المفكر الفرنسي بواسييه في كتابه "العبودية الطوعية" : عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشىء أجيال من الناس لا تحتاج الى الحرية وتتوائم مع الاستبداد ويظهر فيها ما يمكن أن نسميه "المواطن المستقر" .

في أيامنا هذه يعيش المواطن المستقر في عالم خاص به وتنحصر اهتماماته في 3 أشياء :

الدين ولقمة العيش وكرة القدم ...

فالدين عند المواطن المستقر لا علاقة له بالحق والعدل وانما هو مجرد اداء للطقوس واستيفاء للشكل ، لا ينصرف غالبا للسلوك ، فالذين يمارسون بلا حرج الكذب والنفاق والرشوة يحسون بالذنب فقط اذا فاتتهم احدى الصلوات وهذا المواطن المستقر لا يدافع عن دينه الا اذا تأكد انه لن يصيبه أذى من ذلك ، فقد يستشيط غضبا" ضد الدول التي تبيح "جمع المثليين " بحجة ان ذلك ضد ارادة الله، لكنه لا يفتح فمه بكلمة مهما بلغ عدد المعتقلين في بلاده ظلما" وعدد الذين ماتوا من التعذيب، ويفعل الفاحشة والفساد في بلاده جهارا" وبعد ذلك يحمد الله ..

لقمة العيش الركن الثاني لحياة المواطن المستقر ، فهو لا يعبىء اطلاقا" بحقوقه السياسية ويعمل فقط من اجل تربية اطفاله حتى يكبروا فيزوج البنات ويشغل أولاده ثم يقرأ في الكتب المقدسة ويخدم في بيت الله حسن الختام ..

اما في كرة القدم وتعويضا للمواطن المستقر عن اشياء حرم منها في حياته اليومية ان كرة القدم تنسيه همومه وتحقق له العدالة التي فقدها فخلال 90 دقيقة تخضع هذه اللعبة لقواعد واضحة عادلة تطبق على الجميع ..

اذا " وعلى ما تقدم ذكره ان المواطن المستقر هو العائق الحقيقي امام كل تقدم ممكن ولن يتحقق التغيير الا عندما يخرج هذا المواطن من عالمه الضيق ويتأكد ان ثمن السكوت على الاستبداد هو أفدح بكثير من عواقب الوقوف ضده ..

......... فما أكثر المواطنين المستقرين من أبناء شعبي

لذلك ما أحوجنا الى ان نحكم العقل لكي يكون شرعنا الأعلى والا فنحن مقبلون على مسرحية ثابتة قد تطول في تاريخ هذا الشعب وهذا الوطن ..

الدكتور عبد الناصر أبو خليل

جنوب لبنان *
google-playkhamsatmostaqltradent