recent
أخبار الساخنة

تقرير انعكاس أزمة "الأونروا" السياسية والمالية على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا في سنة 2018


أعد عضو اللجنة الإستشارية في "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" ومسؤول قسم الدراسات والتقارير الخاصة في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" الأستاذ إبراهيم العلي تقريرا حول انعكاس أزمة "الأونروا" السياسية والمالية على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا في سنة 2018.
ملخص تنفيذي
يحتوي هذا التقرير على عرض سريع لعمل الأونروا المتعلق باللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سورية وخارجها سواء النازحين في الداخل السوري أو اللاجئين الى دول الجوار ( لبنان – الاردن ) خلال عام 2018 ، ويعرض لأبرز المستجدات والملاحظات التي سجلت على أدائها في جانب المعونات والتوظيف وإعادة إعمار المخيمات المدمرة داخل سورية لتخرج بالعديد من التوصيات الكفيلة باستمرار عملها وتقديم خدماتها للاجئين.

تقديم
تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 في 8 كانون الأول –ديسمبر/ 1949 لتعمل بصفة وكالة مخصصة ومؤقتة، على أن تُجدّد ولايتها كل ثلاث سنوات لحين إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

وباشرت الأونروا عملها في سورية بأواسط العام 1950م وقدمت خدماتها في المجال الصحّي والتعليمي والإغاثي، حيث بلغ عدد المسجلين في سجلات الأونروا 96,6 % من مجموع اللاجئين في سورية.

وتؤدي الأونروا خدماتها للاجئين الفلسطينيين في سورية بالتعاون مع الحكومة السورية من خلال الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

وقد بلغ عدد موظفي الأونروا في سورية حوالي 4000 موظفا ً توزعوا على 219 مرفقا ً ، واستفادت الأونروا كثيرا ً من القوانين السورية فيما يخص الحقوق المدنية للاجئ الفلسطيني الذي يستطيع الحصول على كافة الخدمات المقدمة للمواطن السوري في مجالات التعليم والصحة والعمل.

الأوضاع العامة للاجئين الفلسطينيين في سورية
قدرت الأونروا عدد اللاجئين الفلسطينيين في نشرة الحقائق الصادرة في كانون الثاني- يناير 2018 " النداء الطارئ لسنة 2018 بشأن أزمة سورية الإقليمية " أعداد اللاجئين داخل سورية بـقرابة 438,000 لاجئ فلسطيني يوجد أكثر من %95 منهم ( 418,000 ) في حاجة حرجة للمساعدات الإنسانية الثابتة. ويعاني حوالي 254,000 من التهجير الداخلي، يتواجد منهم ما يقارب 1705 لاجئ في (9) مراكز ايواء ([1])، فيما يقدر أن 56,600 محاصرون أو عالقون في مواقع يصعب أو يستحيل الوصول إليها ([2]). وأن حوالي (31) ألفاً لجؤوا إلى لبنان و(18) ألفاً إلى الأردن.يعانون من أوضاع قانونية هشة .

وتعرض اللاجئون الفلسطينيون في سورية خلال سنوات الأزمة الممتدة إلى انتهاكات جسيمة عبرت عنها الأونروا في عدة مناسبات فقد جاء في أحد بياناتها "إن اللاجئين الفلسطينيين في سورية يتعرّضون للقتل والإصابة والتشرّد بأعداد أكثر من قبل، في الوقت الذي يستمر فيه النزاع المسلح بإرباك مخيمات اللاجئين في كل أرجاء البلاد"([3]).

كما قتل بسبب الأعمال القتالية في سورية في آذار - مارس 2011 حتى نهاية كانون الأول –ديسمبر2018 (3911) لاجئاً فلسطينياً منهم 564 قتلوا تحت التعذيب في السجون والمعتقلات السورية وأن (1714) لاجئاً قد اختفوا قسرياً ([4]).


الأونروا والأزمة السورية
وضعت الأونروا للتعامل مع الأزمة السورية خطة تضمنت خمسة أهداف وصفتها "بالاستراتيجية " تكفل فيها استمرار الخدمات الإنسانية الحاسمة،" الصحة والإغاثة والتعليم " ورفع قدرة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا على الوصول إلى الغذاء حيثما يقيمون حالياً لحمايتهم من التهجير، وخاصة عبر الحدود. وكفالة أن تكون التدخلات مستندة إلى أفضل المعلومات المتوفرة من شبكة مكاتب الوكالة على مستوى المناطق التي تتعامل مباشرة مع اللاجئين واحتياجاتهم المتغيرة. وتقديم الدعم للذين ينزحون عن سوريا من خلال كفالة قدرة اللاجئين الفلسطينيين الذين يلتمسون المأوى عبر الحدود الدولية على الوصول إلى المساعدات الإنسانية والخدمات بما يشمل الغذاء، والرعاية الصحية، والتعليم والمأوى وتوفير الحماية لهم بما يتماشى مع القانون الدولي وكذلك ضمان سلامة الطاقم بوضع التدابير والممارسات التي تعزز سلامة الطاقم وتساعد على تقليل مخاطر العمل في ظروف الصراع إلى الحد الممكن بالإضافة إلى استمرار وتعزيز التعاون مع وكالات الأمم المتحدة من أجل تحقيق أفضل النتائج الممكنة للاجئين ([5]) .

إلا أن المراقب لمدى تنفيذ الأونروا لهذه الخطة يجد أن التنفيذ كان استنسابيا ً ، حيث عملت على تطبيق بعض البنود بشكل كامل رغم التحفظ عليه من حيث الكفاية أو عدمها أو الآليات والوسائل التي سلكتها في سياق تطبيقها ، الا أنها امتنعت عن تطبيق نقاط أخرى مثل منع التهجير أو القدرة على الوصول إلى النازحين ولو عبر التعاون مع مؤسسات الأمم المتحدة كما هو الحال في مخيم دير بلوط أو مناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة ، وتماشت مع إملاءت الحكومة السورية بالحصول المسبق على الموافقات اللازمة لوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة أو القريبة منها .

كما فشلت في تقديم الحماية للاجئين الفلسطينيين داخل وخارج المخيمات ففي أيار – مايو تم تدمير مخيم اليرموك أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في دول اللجوء الذي قال في وصف الدمار فيه السيد كرينبول "إن حجم الدمار في مخيم اليرموك لا يوازيه إلا القليل جداً مما رأيت في سنوات عديدة من العمل الإنساني في مختلف مناطق النزاعات".([6])

ففي مخيم اليرموك 75 في المائة من الأبنية التابعة للأونروا البالغ تعدادها 23 منشأة تضم 16 مدرسة تحتاج إلى إعادة بنائها بالكامل واصلاحات كبيرة، فضلاً عن أن مراكز الأونروا الصحية الثلاث في مخيم اليرموك قد دمرت بالكامل. وفي مخيم درعا، دمرت جميع مباني الوكالة باستثناء مركز التوزيع فيما تحتاج ست منشآت أخرى بما فيها ثلاثة مبانٍ مدرسية وعيادة إلى إصلاحات جذرية ([7]).

المعونات
استمرت الأونروا في برنامج الطوارئ المتعلق بفلسطينيي سورية سواء في سورية او الاردن أو لبنان وحافظت على شكل المساعدات التي تقدمها نوعا ً ما، إلا أن تداعيات الأزمة المالية التي تعاني منها وبالتالي تقليص جانب من الخدمات أدت إلى سخط شعبي أخذ أشكالا ً متعددة ، فكانت الاعتصامات والمناشدات في أكثر من مكان لمطالبة الأونروا بزيادة

المساعدات والوقوف عند مسؤولياتها باعتبارها المسؤولة دوليا ً عن أوضاع أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني في خمس مناطق تعمل فيها.

وفي استطلاع الرأي الالكتروني الذي قامت به مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية نهاية 2018 لبيان مدى الرضا الشعبي عن أداء الأونروا في ثلاثة مناطق رئيسية (سورية – لبنان – الأردن ) يتواجد فيها اللاجئون الفلسطينيون من سورية، تشابهت نتائج الاستطلاع حول خدمات الصحة والتعليم والاغاثة حيث اتسمت النتائج عموما ً بعدم الرضا عن ما تقدمه الأونروا وتركزت المطالب والمقترحات حول وجوب زيادة المعونات النقدية والعينية وتأمين فرص العمل وتحسين البرامج الصحية ودعم التعليم وتسوية الأوضاع القانونية للاجئين وتفعيل بند الحماية في دول اللجوء الجديد. وفيما يتعلق بالأونروا كمؤسسة فقد وردت العديد من الملاحظات المتعلقة بالطاقم الوظيفي وسوء المعاملة وضرورة وصولها لكل المناطق الواقعة تحت ولايتها ووقف الهدر الناجم عن البرامج والأنشطة غير الضرورية – بحسب بعض الآراء - ([8]).

إنهاء عقود موظفين
أعلنت وكالة “غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (الأونروا) 13 تشرين الثانينوفمبر /2018 / إيقاف عمل 108 موظفين من أصل 132 موظفا ً يعملون في توزيع المساعدات الغذائية للاجئين و طلبت الوكالة من الموظفين التوقيع على القرار وإنهاء خدماتهم في نهاية العام الحالي. والسبب بأنه سيتم الاختصار من المساعدات الغذائية وبالتالي سيتم الاستغناء عنهم . علما ً أن الموظفين يعملون في الوكالة منذ 5 سنوات ويتم تجديد عقودهم سنويا لكن مع بداية عام 2018 تم تعديل مضامين العقد ليصبح عقد محدود المدة LDS. .

في ذات السياق كانت رئاسة وكالة " الأونروا" في العاصمة السوريّة دمشق، قد أمهلت جميع المدرسّين من اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا سورية إلى لبنان نتيجة الحرب في سورية، حتى نهايـة عام 2017 ، للعودة والالتحاق بعملهم، ولوّحت للمتخلّفين عن الالتحــاق بالإقالة أو العــمــل دون أجــــر رغــم اســتمــرار الأوضـــاع الأمنــيــة المتدهــورة في ســورية.

فيما تم تسوية أوضاعهم لاحقا ً من خلال الطـلـب منهم العودة لمن يرغب أو الاستقالة مع الحصول على كامل تعويضه، وفتحت المجال للمستقيلين منهم العمل بعقود مياومة في لبنان.

الأونروا وإعادة الإعمار
تعول الحكومة السورية على دور الأونروا للمساهمة بإعادة إعمار مخيم اليرموك وتضرر من مخيمات فلسطينية في سورية فقد أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن بلاده قررت رسمياً عودة جميع سكان مخيم اليرموك إليه، وأن الحكومة السورية لا تضع أيّ مانع في عودة الفلسطينيين وهناك خطة لتنظيم عودة اللاجئين جميعاً.

وأضاف المقداد أنه لا مانع في أن يكون هناك دور للسلطة الفلسطينية أو الأونروا في إعادة أعمار مخيم اليرموك. الأمر الذي لاقى ترحيباً من الأونروا التي أبدت استعدادها للتدخل عندما تقوم الحكومة بإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية مثل الكهرباء والمياه و إزالة الأنقاض ومخلفات الحرب من المنفجرات، إلا أن مديرها العام في سوريا السيد محمد عبدي أدار طرح تساؤل هل ستسمح الحكومة للاجئين بالعودة؟ قبل أن نقوم بأي عمل يجب أن نحصل على إجابة واضحة.!!!

النتائج والتوصيات

استمرت الأونروا بعملياتها الإغاثية والإنسانية الرئيسية على اللاجئين الفلسطينيين في سورية وخارجها في مناطق عملياتها بشكل متفاوت عزته للأزمة المالية التي تمر بها ونقص التمويل الذي تسبب بتقليص الخدمات أو تأخيرها كما في تأخرتوزيع المساعدات الشتوية للاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان خاصة في المناطق الباردة والتي تسببت بإطلاق المناشدات وتنفيذ الاعتصامات المطالبة بالتسريع في تقديم مساعدات التدفئة.

وعليه فإن هشاشة الأوضاع الإنسانية والقانونية سواء في سورية أو خارج تفرض على الأونروا بصفتها الجهة الدولية الرئيسة المسؤولة عن اللاجئين:

الإستمرار في تقديم خدماتها للاجئين داخل سورية وفي مناطق عملها وتوسيع نطاق عملياتها ليشمل اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في كل من تركيا ومصر وغيرها من دول اللجوء الجديد وتطوير اختصاصها ليشمل الحماية الجسدية والقانونية للاجئين.
رفع قيمة المساعدات المتعلقة بالغذاء والكساء والايواء والدواء بما يتماشى مع مستويات ارتفاع غلاء المعيشة في ظل عدم القدرة على العمل بسبب تفشي البطالة أو وجود القوانين المانعة للفلسطيني من العمل .
عدم المساس بالوضع الوظيفي للموظفين ومنحهم الأمان الوظيفي الكفيل بالإرتقاء بالخدمة المقدمة للاجئين على الوجه الأمثل.
السعي الحثيث لدى الحكومة السورية لإعادة اللاجئين الفلسطينيين النازحين عن مخيماتهم داخل سورية . وضمان العودة الآمنة للاجئين الفلسطينيين من خارج سورية .
حشد الدعم المالي اللازم لإعادة إعمار ما دمر من مخيمات داخل سورية واطلاق النداءات الخاصة بإعادة الإعمار.
google-playkhamsatmostaqltradent