لا يختلف اثنان في الساحة الفلسطينية بان المصالحة ضرورة وطنية ملحة ، و مرحب
بها حتى و إن جاءت متأخرة ، فان تأتي الايجابية متأخرة افضل من ان لا تأتي ابدا.
شعبنا في كل اماكن تواجده فرح بهذه الخطوات الشجاعة ، و ازداد شعوره بالغبطة
و التفاؤل بعد التصريحات الايجابية التي صدرت عن كثير من المسؤولين الفللسطينيين
من كلا الجانبين الرئيسيين . لم يعكر هذه الاجواء الطيبة سوى تصريحات من بعض
السياسيين الكبار الذين لا زالوا يرددون نفس النغمة الانقسامية القديمة و قد ظهر
عليهم نشوة الانتصار ، و كأنهم فرضوا المصالحة بالقوة و ليس بالتوافق و التراضي .
لكن ما لفت نظر المراقبين كانت تصريحات السيد محمود عباس الذي المح الى سلاح
المقاومة ، و الذي لم يتحدث عن معاناة شعبنا المحاصر و المكلوم في غزة . ثم زاد
الامر مرارة بعد عدم رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة من قبل السلطة في رام الله!
هذه التصريحات عكرت من صفاء الاجواء الاخوية و جعلت البعض يشعر بالقلق من
مستقبل الاوضاع على الساحة الفلسطينية عموما و في غزة على وجه الخصوص .
فهناك بعض القضايا المهمة التي يجب ان لا تغيب عن بال احد حتى تزول الغمامة
السوداء عن السماء الفلسطينية و يتفرغ شعبنا لمواجهة الاحتلال الذي يستمر في
عدوانه على شعبنا و يحتل ارضنا و يهود عاصمتنا التي لن تقوم لنا دولة بدونها .
اولى تلك القضايا هي وجود النوايا الحسنة و يكون ذلك من خلال اشاعة اجواء
التآخي و المحبة ، و تطبيق الاتفاقات المبرمة بين الطرفين لا سيما اتفاق القاهرة
الذي وقع في ايار 2011 ، و قبول الشراكة الكاملة و التوقف عن التفرد و الاستئثار
بالقرارات . و القيام بعملية اصلاح كاملة للمؤسسات القيادية الفلسطينية المشتركة .
ثانيا : يجب تهيئة الاجواء لانتخابات نزيهة على كل المستويات من الرئاسة الى
البلديات ، و كذلك انتخابات في مؤسسات المنظمة و بالاخص المجلسين الوطني
و المركزي و تشكيل لجنة تنفيذيه تمثل الاطياف الفلسطينية تكون مسؤولة
حقيقية عن الشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده . ثالثا حماية المقاومة
و اعتبارها رافعا و مدافعا عن الشعب الفلسطيني و ضرورة تطويرها و تنسيق
المواقف بين الاطر العسكرية لمواجهة العدوان الصهيوني المستمر ، و لحماية
الشعب الفلسطيني و استكمال مشروع التحرير الوطني للتراب الفلسطيني . و هنا
يجب ان تقطع اليد التي تريد ان تلغي المقاومة و تجردها من سلاحها قبل انجاز
المهمات الوطنية الكبرى و على رأسها اقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة
على الاراضي المحتلة عام 67 و عاصمتها القدس و عودة اللاجئين الى بيوتهم .
و يجب التوقف فورا عن التنسيق الامني مع الاحتلال الذي يعتدي على شعبنا
و يؤذي مقاومينا و يهود مقدساتنا و يعتقل عشرات الالاف من مناضلينا .
و يقع على عاتق القوى الفلسطينية مجتمعة العمل على تنسيق المواقف
لمنع اي فلتان امني قد يهدد السلم الاهلي و يتيح المجال للعابثين و المتضررين من
المصالحة و العملاء ان ينالوا من شعبنا و مقاومينا و قيادتنا و مجتمعنا الفلسطيني .
ان غياب النوايا الطيبة ، و الكيد للاخر ، و محاولة اثارة الفتن ، و استبعاد القوى
الفاعلة و تجاهل دور المنظمات المجتمعية و الاهلية و التفرد باتخاذ القرارات
و غياب الديمقراطية لن تزيد شارعنا الا انقساما في وقت هو في اشد الحاجة للوحدة
الوطنية و لتظافر الجهود من اجل استكمال مشروعنا الوطني و دحر الاحتلال .
ماهر الصديق