recent
أخبار الساخنة

صبرا بين الرثاء و التمني بقلم: ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية




يأبى ايلول الا ان يوقظنا كل عام على ذكرى أليمة . ذكرى استعصت على النسيان 

مع الزمن و مكثت تدور في خلدنا يوما بعد يوم و عاما بعد عام . يأبى ايلول الا ان

يأتينا بخريفه و باوراقه الصفراء ، اوراق حملت لنا ايلول الاسود و صبرا و شاتيلا

و الحقت بهم كامب ديفيد و اوسلو و طابا ! و هاهو ايلول يعود الينا على احزان 

متراكمة . على ما فقدناه في المجزرة من احبة و ما فقدناه بعد المجزرة من وحدة

و لحمة وطنية و ما حملته كوارث التسوية على شعبنا و قضيتنا و ما وصل اليه 

حالنا في المخيمات البائسة من ظلم و قهر و تعسف . يرفض ايلول ان يغادرنا

بلا مآسي ، يريد ان يؤكد حضوره على أشلائنا . كأنه لا يرغب برؤية البسمة

على شفاه اطفالنا ، لا يريد الا ان يخلف بصمته السوداء على جراحنا ! صبرا 

و اخوتها من مخيمات الشتات مكلومة تئن من وطأة الجراح . جراح لا تعد 

و لا تحصى : فقر و صراعات و تخلي الامم و تنصل المؤسسات الصحية و الانسانية

و تغول الاشقاء الذين لا يرون للضيف حق بالحياة . هكذا بدت الحياة بعد انتهاء

العصابات الفاشية من جريمتها في المخيم الاعزل ! بعد قتلهم لآلاف الابرياء

بلا ذنب اقترفوه ، و بعد ان برأهم العالم من جريمتهم ، مضى شهداءنا الى باطن

الارض ومضى المجرمون يتبؤون المناصب و المسؤوليات و يتجولون في البلاد

و يسافرون بحرية و يُستقبلون في العواصم بافضل استقبال . عدالة عوجاء لا 

تعرف للحق سبيل و عالم منافق يهضم حق الفقراء ، لكن الحق و إن ضاع

عند اصحاب المسؤوليات و صناع القرارات فإنه لا يموت عند الواحد القهار .

هكذا بدت الحياة في المخيم ! اناس يبحثون عن سبيل للخروج من جحيم ظلم ذوي

القربى الى بلاد لا تتحدث لغتهم و لا تشبههم في شئ ، لكن فيها قوانين.هناك حيث

لا يموت الانسان على مداخل المشافي لانه لا يقدر على دفع المستحقات و الادوية،

لا يمنع من العمل من اجل فلسطينيته . هناك حيث يتمكن من اعلان فلسطينيته على

رؤوس الاشهاد بلا قمع و ملاحقة و كراهية . آه من هذا الزمن العربي الغريب .

لقد كان العربي و على مدى قرون يلجأ لبلد عربي آخر عند شعوره بالظلم و القهر

في بلده ، و يعيش في البلد الجديد كمواطن مثل غيره من ابناء البلد . لم يكن يُعيّر

بمنشئه او بلهجته او بوظيفته فكل البلاد بلاده وهو يختار البيئة المناسبة له . اقفلت

كل الابواب العربية في وجهه ، فاخذ يبحث عن سراب خارج سربه ،و عن حياة

ليست كحياته، و عن مغامرة لا يعرف لها نهاية . هل نرثي احبتنا الذين سقطوا

في شاتيلا ام نتمنى لو كنا في مكانهم و لا نرى هذا الانحطاط العربي و هذا التخاذل

العالمي و هذا الواقع الفلسطيني ؟ انتم في البال يا اخوتنا الذين رحلتم بايدي الفاشيين.

لن ننساكم كما نسيكم القضاة و الساسة و الاعلام و النفاق الدولي ، انتم في البال

و لكل ظالم مجرم نهاية .




google-playkhamsatmostaqltradent