recent
أخبار الساخنة

وعد المستعمر للافّاق

الصفحة الرئيسية

بعد ان ظهرت بوادر انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الاولى ، ضمِن

زعماء اليهود بان مشروعهم باقامة وطن قومي في فلسطين سيتحقق بإرادة

بريطانيا احدى اهم الدول المتحالفة في الحرب . فلقد انكسرت شوكة

الدولة المسلمة التي كانت تحول دون سيطرة اليهود على فلسطين ، و 

هُزمت تلك الدولة و حليفاتها و اصبح الطريق مفتوحا لا يقف امامه سوى

الفلسطينيين الذين سيدافعون عن وطنهم بكافة السبل المتاحة ، كانت

"أي الامكانات" لا تساوي شيئا قياسا بما يملكه اليهود و ما يلاقونه

من دعم الدول المنتصرة في الحرب . ففي الوقت الذي كانت فيه بريطانيا

و فرنسا تتقاسمان المنطقة عبر اتفاقية سايكس بيكو كانت الدولة التركية

تتهاوى ، و كان حزب الاتحاد و الترقي الماسوني - الصهيوني هو الحاكم

الفعلي للبلاد ، بينما كان السلطان العثماني محمد الخامس لا يملك 

من امره شئ ، فالحكومة و الجيش و الوزارات و السياسة الخارجية 

بايدي الحزب الماسوني الحاكم . الدول العربية حينها كانت تتحاصص

بين الانتداب الاستعماري الانكليزي و الفرنسي . و هما بدورهما تقعا

تحت تأثير اللوبي الصهيوني المتحكم برأس المال و بالتجارة و الاعلام.

و هكذا جاءت الفرصة الذهبية للحركة الصهيونية بان تحقق غاياتها

و اهدافها في فلسطين التي بقيت غير قابلة للتطبيق منذ المؤتمر 

الصهيوني في بازل سويسرا يوم 29 آب 1897 حيث تم اقرار العمل

على اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين . ليس هناك شك بان الصهيونية

بمكائدها و سيطرتها على الادارات و البنوك و وسائل الاعلام العالمية 

قد مهدت لانتصار الحلفاء و بعد ذلك لتصبح بريطانيا هي المسؤولة 

على فلسطين للتمهيد لهجرة اليهود و تمكينهم من الاعداد لاقامة كيان

احتلالي غاصب على حساب الشعب الفلسطيني الاعزل . و لهذا كان 

وعد بلفور هو وعد الدولة الانكليزية التي يقودها المتصهين لويد جورج

الذي كان لا يخفي تعاطفه مع تطلعات اليهود بل كان يؤمن بها اكثر من

ايمان بعض اليهود بها ، فلقد كان متأثرا بالعقيدة اليهوديه غاية التأثر،

و قد قال عن نفسه :" إنه صهيوني و انه يؤمن بما جاء في التوراة

بخصوص عودة اليهود لان عودة اليهود بمثابة المقدمة لعودة المسيح "!

فمعظم الزعماء الانكليز يؤمنون بضرورة "عودة " اليهود الى فلسطين .

الانكليز البروتستانت يؤمنون باليهودية اكثر من اليهود انفسهم ،لان 

الدعاة البروتستانت هم الذين جمعوا التوراة و الانجيل في كتاب واحد

و جرى تسميته بالكتاب المقدس و ذلك بعد حركة الاصلاح الدينية

في القرن السادس عشر بقيادة الراهب الالماني مارتن

لوثر كنغ . كما نرى ذلك واضحا عند صاحب الوعد المشؤوم الذي قال

أنه : " يؤمن ايمانا عميقا بالتوراة ، و يصدق كل ما جاء بها حرفيا

و انه اصدر الوعد نتيجة لايمانه بالتوراة " . لقد جاء الوعد بناء على

عقيدة مترسخة لدى بلفور نفسه و لدى رئيس الوزراء حينها و لدى 

كثير من الغربيين الذين كانوا يقرؤون نصوص العهد القديم منذ نعومة

اظفارهم قبل قراءة العهد الجديد ، فتشبعوا بالعقيدة التي تدّعي الحق

بفلسطين و تنكر على اصحابها الذين كانوا اول من عرفها و عمرها

قبل وجود اليهود بثلاثة آلاف عام . لكن الحقيقة التي غفل عنها اليهود 

و معهم حلفاؤهم الغربيين و الزعماء العرب المتخاذلين بأن اصحاب

الارض لم يستسلموا ، و لم يتخلوا عن وطنهم ، و لن يتركوا المحتل

ينعم و يستقر في بلدهم مهما تقادم الزمن ، و لن تضيع فلسطين و 

و خلفها من يفتديها باغلى ما يملك . تمكن المستعمر الذي انتصر في 

حرب غير عادلة ان يهب وطنا لا يملكه لشذاذ آفاق تجمعوا من كل بقاع

الارض ، و شرد شعبا الى كل بقاع الارض . لكن المستعمر و معه

المستوطن نسيا بان لهذه الارض اصحاب رؤوسهم عنيدة كعناد الصخر

القديم في باطن الارض ، و ان شرايينهم مفتوحة ترتوي منها التربة

المقدسة . فإذا امتلك الصهيوني وعدا من رجل مات و فنيت 

عظامه ، فإن الفلسطيني يمتلك وعدا من حي باق لا يموت . 



ماهر الصديق






   
google-playkhamsatmostaqltradent