recent
أخبار الساخنة

المخيمات الرمز الوطني للعودة

الصفحة الرئيسية

بقلم عضو المجلس الثوري لحركة فتح الحاج رفعت شناعة

منذ أن اكتملت حلقات التآمر على وجود الشعب الفلسطيني، وأسفرت عن مأساة النكبة، واقتلاع شعبنا العربي الفلسطيني من أرضه التاريخية، وتشريده في المخيمات، في مختلف بقاع الارض، فهو مازال يعاني من تدعيات النكبة التي تمت العام 1948، وبعد أن أُقيمت دولة (إسرائيل) بقرار أممي وهو قرار 181. منذ ذلك التاريخ وقضية اللاجئين الفلسطينيين تتفاعل متأثرة بالأوضاع والعلاقات الدولية، والعربية، والاقليمية دون تحقيق أي تقدم على المستوى العملي والميداني.
إلاَّ أنَّ قضية اللاجئين ظلت تحفر عميقاً في قلب الاهتمامات الفلسطينية والاسرائيلية، وهما محورا الصراع الدموي، والتاريخي الممتد عبر سبعين عاماً، مع كل ما في هذه الاعوام المريرة من مجازر وقصف وتدمير، وقتل واقتلاع.
قضية اللاجئين وعودتهم تقضُّ مضاجع القيادات الفلسطينية من البداية وحتى الآن، دون التوصل إلى نتائج ملموسة، وانما الجراح تزداد نزفاً وايلاماً، والافق مسدود، ولكن لا تراجع، ولا مساومة على هذا الحق التاريخي.
أيضاً فإن قضية اللاجئين الفلسطينيين تضغط على الجانب الإسرائيلي لأخذ الاحتياطات كاملة، وان يكشف عن خططة وبرامجه الخبيثة التي تستهدف حقوق اللاجئين وثوابتهم الوطنية، كما يستهدف القرارات الدولية التي أصْدرتها هيئة الامم المتحدة. إضافة إلى إجهاض القرارات المنصفه للجانب الفلسطيني والتي يتسلَّح بها في مواجهة التحديات الاسرائيلية.
من هنا فإن الصراع حول قضية اللاجئين هي قضية مركزية وخطيرة، ولا يمكن الاستهانة بها كونها تتعلق بمستقبل حوالي خسمة ملايين ونصف المليون فلسطيني لاجئ في مختلف أنحاء العالم،وهناك لاجئون في قطاع غزة نفسه، وفي الضفة الغربية، وأيضاً في أرض فلسطين التاريخية، حيث أن هناك حوالي 534 قرية فلسطينية تم تهجير أهلها، وتدمير معظم بيوتها، وأهلها اليوم لاجئون إلى قرى أخرى بانتظار عودتهم إلى بيوتهم.
القيادة الفلسطينية منذ تأسيس م.ت.ف العام 1964، ومنذ تأسيس حركة فتح العام1957 وانطلاقتها العام1965، وهي تؤكد تمسكها بقرارات الشرعية الدوليه ذات الصلة بقضية عودة اللاجئين، وخاصة القرار 194، وقرار 181 الذي يؤكد حق الفلسطينيين باقامة دولتهم على الاراضي التي تمَّ تحديدها عندما تقرَّر التقسيم. ولأنَّ اللاجئين المنتشرين في بقاع العالم، يتألمون ويئنون من الظروف المعقدة، والقرارات الجائرة التي تتحكم بهم وبوجودهم، وبحركتهم، وتنقلاتهم، وبممتلكاتهم، فإن القيادة الفلسطينية كانت تشعر بالعبءالثقل، وهموم المعالجة، وما أصابهم من نكبات ومخاطر في العراق، وفي سوريا، وما يعيشونه الآن في لبنان من أوضاع مأساوية.
من هذا المنطلق نستطيع القول أنَّ موضوع اللاجئين هو الأساس في القضية الفلسطينية، لأن الكيان الإسرئيلي اعتمد في البناء الصهيوني الاستراتيجي والتكوين الواقعي لهذا المشروع العدواني والتصفوي على إقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وطرده، والسيطرة على بيوته وممتلكاته، واجراء التغيير الديموغرافي، والتطهير العرقي، وتهويد المقدسات، وسرقة التراث، وتزوير التاريخ.


إنطلاقاً مما تقدم فإننا نستطيع أن نحاكم التطورات السياسية والامنية والعسكرية التي يعيشها الفلسطينيون ، وهي التي تستهدف اللاجئين الفلسطينين، ولا تخدم الاَّ وجهة النظر الاسرائيلية ،وتزيل العقبات أمام المخططات الصهيونية ، وتكرس القضايا الجوهرية التي ينشط الجانب الاسرائيلي في تحقيقها على طريق تدمير حق عودة اللاجئين، تجريدهم من عوامل الصمود الأساسية أمام هذه المشاريع الدولية.
القضية الاولى : تفكيك البنية التحتية للقضية الفلسطينية. وهذه هي القضية الأهم في قوة دفع عملية الصراع ضد الاحتلال نحو حسم القضايا الجوهرية التي لا يمكن المساومة عليها. فالأطراف المعادية وخاصة الاحتلال تسعى جاهدةً لتدمير واضعاف الوضع الاقتصادي في الداخل. وتشجيع الفتن الداخلية في بعض المدن والمخيمات لإرباك الأجهزة الامنية، واشغالها بمواجهات مع أطراف فلسطينية داخلية . والتصعيد الدائم ضد أركان المجتمع، وأعمدته الوطنية، وتصعيد الاعتقالات التي لا تكتفي بالشبان ، وانما تطال الأطفال والنساء ، ويتبعها الإبعاد الى محافظات اخرى . مع التركيز على اجراءات هدم البيوت ، واقفال مدارس القدس او أَسرلتها ، والضغط على تجار القدس من اجل إغلاق محالهم ، أوالبحث عن مكان آخر، او الهجرة. أضف الى ذلك تشديد الاجراءات على الحواجز والمعابر والمداخل لايصال الناس الى مرحلة من اليأس والاحباط. ومصادرة وتهويد الأراضي، واستيطانها.
القضية الثانية : إن المخيمات الفلسطينية في الشتات تجتاز إمتحاناً صعباً ومعقداً ، وخاصة في الجوانب الامنية الحادة المستوردة من المحيط الاقليمي ، وهي باتت تتفاعل داخل المخيمات كخلايا مدربة ومعبأة ، وهي تحتمي في مربعات وأحياء معينة، تمارس الارهاب والرعب وتخويف الاهالي الذين يضطرون للانصياع لإرادة هؤلاء . هذا الواقع ظهر منذ سنوات ، وانتشر وتمكَّن في هذه الاحياء ، ولم تتردد هذه المجموعات في الاعتداء على ضباط وكوادر وعناصر الفصائل الفلسطينية وخاصة حركة فتح ، وافتعال الاشتباكات الدامية بشكل مدروس ومتواصل، دون تقديم مبررات مقنعة ، وانما هو قتلٌ من اجل تنفيذ المشروع الذي يستهدف أمن المخيم ، واهله ، وفصائله ، ثم الاختباء في المربعات المعروفة، والتحصُّن داخلها، والتخطيط لعمليات اغتيال جديدة وعن قرب ، مما أدى الى سقوط العشرات من الشهداء، والمئات من الجرحى، وتدمير البيوت،وحرق المحلات التجارية ، واقفال الطرق ، وشلِّ الحياة الاجتماعية، والتنقُّل في المخيمات.
هذه المسلكية ، وهذا التخطيط من قبل هذه التنظيمات الخارجة عن الاجماع الفلسطيني ليس بريئاً ، ولا عفوياً و إِنما هو عمل مدروس، ويأتي ضمن مخطط مشبوه لا يخدم الاَّ العدو الاسرائيلي ، واستمرارُه يعني ضرب المشروع الوطني الفلسطيني الذي يعتمد على المخيمات الفلسطينية ، لأنَّ المخيمات هي الارضية الصلبة التي تنطلق منها الثورة، وتشكِّل دائماً حصناً منيعاً لحق العودة.
ولذلك فإن ما جرى ويجري في مخيم عين الحلوة، وخاصة في حي الطيرة، واصرار الاطراف الارهابية على استخدام العنف حتى ضد القوة المشتركة التي تضم كافة الفصائل، وايقاع الخسائر في صفوفها . هذا الواقع فرض على القيادة السياسية أَخْذَ قرارات واضحة لمواجهة وتعقُّب هذه المجموعات من قبل القوة المشتركة ، ومدعومة من الأمن الوطني الفلسطيني ، والعمل على السيطرة الكاملة على هذا الحي الذي عانى الكتير ، ولم يعد أهله يستطيعون العيش هناك لأن حياتهم مهددة بالمخاطر، وأصبح الجميع يطالبون القيادة الفلسطينية بضرورة حسم الوضع العسكري هناك حتى يتمكن الاهالي من العودة الى بيوتهم. وهذا ما جعل الجميع ، وخاصة حركة فتح تضع ثقلها في معركة أخراج المسلحين الارهابيين من الحي من خلال القوة المشتركة. وبالتالي أصبح الجميع أمام خيارات صعبة، لأن الاطراف المشبوهة تريد استباحة المخيم من اجل التحكم بقرار السيطرة، وفرض حضورها على حساب الفصائل الاخرى.
إنَّ المطلوب من كافة الفصائل أن تكون جادة في إِعادة المخيم الى ما كان عليه قبل سنوات طويلة ، أي مخيم يتعايش فيه الجميع ،بروح من المحبة والتعاون ، ورفض العدوانية والعنف والقتل ، لأن بوصلة القتال لا بد أن تتوجه نحو العدو الاساس وهو العدو الاسرائيلي.
انَّ قضية الحسم مطلوبة من الفصائل والقوى ، ولايجوز التراخي، ومن لديه برنامج للحوار فليحاور، لأننا نفضِّل التفاهم في المخيم على القتل والقتال، أما إذا كانت الاطراف الاخرى قد أغلقت أبواب الحوار عليها ، ولا تريد السلام والاطمئنان في البيت الفلسطيني، فهذا غير مسموح ، وليس أمام الجميع الا استخدام القوة من اجل حماية شعبنا، ومخيماته ، وطموحاته، والحفاظ على المخيم الفلسطيني قلعة وطنية محصَّنةً بالوحدة الوطنية ، وصولاً الى تنفيذ حق عودة الشعب الفلسطيني الى أرضه التاريخية.
بإختصار لا بد من ان تعمل كافة القوى والفصائل على ابراز دور المخيم الفلسطيني صاحب القضية الوطنية، الذي نراهن عليه جميعاً، وأن لا نسمح بسقوطه في ايدي جهات معادية للمشروع الوطني. وهذه مسؤولية تاريخية ، لأنَّ فشلنا في هذا الموضوع يعني أننا أسهمنا بطعن القضية الفلسطينية .
القضية الثالثة : إِنه موضوع الهجرة الذي نشط مؤخرا بشكل ملحوظ ، وبتسهيلات مستغربة ، علماً أن المبالغ التي تدفع للسماسرة مغرية ومكلفة ، مما يجعل بعض الاهالي يبيعون بيوتهم ، كي تسافر الأسرة بكاملها الى اوروبا. وهذا الامر جاء مفاجئاً وبدأ ينتشر بسرعة ، والطريق مؤمَّنة.
إِنَّ الامر أثار تساؤلات كثيرة ،خاصةً أن هناك مسيرات واعتصامات رفعت لافتات تدعو الى الهجرة، وتطالب السفارات بفتح الأبواب.
وهذا ما يجعلنا نتساءل وأنْ كنا من حيث المبدأ لا نعارض إذا أراد أي شاب أن يسافر فالطريق امامه مفتوح ، وكثيرون هم الذين هاجروا او سافروا ولم يعترض عليهم أحد.
لكننا اليوم نتساءل لماذا نشطت الدعوة للهجرة ، وَدفْعِ الشباب للسفر، والتضحية بكل أمواله، وبيته ؟ ولا شك أن نوايا المهاجرين سليمة، لكن لا نستطيع إغماض أعيننا عن أن الصراع بيننا وبين الاسرائيليين في أَوْجِهِ الان ، والتشجيع في هذا الموضوع يتطلب التمحيص، ويتطلب النظرة المنطقية الى هذه القضية الحساسة . أليس من حقنا أن نتساءل فيما إذا كانت هناك خطة أميريكية اسرائيلية مع اطراف إقليمية لتسهيل الهجرة ،حتى تتم عملية تفريغ المخيم من أهله وشبابه ؟؟! و بالتالي من المستفيد في هذه الحالة؟؟
كما قلنا منذ سنوات طويلة كان بعض الشبان لا يجدون عملا فيذهبون للعمل في الخارج – دون رفع لافتات وأقامة إعتصامات ، والسير في مظاهرات – فما الذي ظهر اليوم؟!
إنَّ المخيم بالنسبة لنا يرمز الى وجود مقاومة العدو المحتل لأرضنا، وهو يرمز الى صمود شعبنا واستمراره في المخيم الذي انطلق منه العمل الوطني الفلسطيني ، وليس من مصلحتنا أن نفرغ مخيماتنا لأن فلسطين هي الخاسر عندما تتضاعف الهجرة.
وهذا طبعاً يفرض علينا جميعاً في الساحة الفلسطينية في لبنان العمل بجديه مع الجهات الرسميه اللبنانية ،ومع القيادة الفلسطينية المركزية من أجل تأمين عوامل الصمود في المخيمات ،وتوفير فرص العمل للإنسان الفلسطيني المقيم على هذه الارض منذ سبعين عاماً ، ومنحه حق التملك أسوة بكل أمم الارض التي تأتي الى لبنان.
القضية الرابعة: لا شك أن استمرار الانقسام لا يخدم الشعب الفلسطيني ، ولا كفاحه الوطني ، وانما هو عامل تدمير ذاتي.
الانقسام هو من الأدوات الاسرائيلية التي يتم استخدامها في تفعيل سياسة تمزيق الصف الوطني، وتدمير أُسس الوحدة الوطنية ، ونسف كافة الانجازات السابقة، واشعال الفتنة الداخلية، وتجاهل كافة الاستحقاقات الوطنية الانتخابية، وتأزيم الأوضاع السياسية، وفتح الطريق امام التناحر الداخلي.
وهذا كله ما يحلم الكيان الصهيوني في تحقيقه حتى ينحر القضية الفلسطينية من داخلها ، من مخيماتها التي هي القلب النابض لشعبنا. عدونا الصهيوني يستعجل الامورَ لانه يرى الوقت مناسباً، والظروفَ مؤاتية، خاصةً الاوضاع العربية المحيطة بنا. والصراعات التي ما زالت قائمة ومتفاعلة دون نهايات سعيدة حتى الآن. فهل يفوز عدونا بإسقاط مخيماتنا، أو أننا سنكون أوفياء لشهدائنا؟؟

google-playkhamsatmostaqltradent