قبل اشهر قليلة تمكن الموساد الصهيوني من اغتيال رجل عربي مميز .
رجل وظف جهوده و طاقاته و امكاناته العلمية و الفكرية و المادية لخدمة
امته و على رأسها قضية الامة المركزية . كان هذا الفدائي البطل على قناعة
راسخة بأن رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني هي مهمة كل عربي أبي و كل
مسلم شريف و كل حر في العالم . خاطر بحياته من اجل فلسطين ، تحمل
الصعوبات و اجتاز المشقات و دخل متخفيا عبر الانفاق الى غزة ليشارك
في واجبه الوطني و القومي و يقدم ما عنده من قدرات تقنية في صناعة
الطائرات دون طيار و يساهم في حركة الكفاح العادل الذي يخوضه الشعب
الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني . ترك وطنه وودع عائلته و قطع مئات
الاميال ليؤكد بان القضية الفلسطينية قضية عقائدية و قومية خالصة و ان
المقدسات في فلسطين هي في ضمير كل عربي و مسلم ، و ان تخليصها
من براثن الصهاينة واجب مقدس . لقد اثبت هذا الفدائي الكبير بان الحدود
المصطنعة التي تفصل العربي عن اخيه العربي هي حدود كرتونية و لا
يمكن ان تحول بين بين المناضل و بين هدفه . و ان الارادة الحرة قادرة
على طي المسافات و كسر العوائق و اجتياز الحدود لتحقيق اهداف
الامة السامية ، و أي هدف اسمى من تحرير الاقصى و تخليصه
من الرجس الصهيوني . لقد قرب الشهيد محمد الزواري المسافة بين
المقاومة و بين اهدافها في قتال العدو ، ذلك من خلال العمل الدؤوب
لرفع مستوى القدرات العسكرية للمقاومة بما يمكنها من اختراق دفاعاته،
و امتلاكها لادوات رادعة يجعلها تحقق ميزان الرعب وتفرض واقع جديد
يغير من اوراق اللعبة و يفرض على الاحتلال التفكير مليا قبل التفكير
باي اعتداء على الشعب الفلسطيني و الامة العربية . و هذا ما حصل فعلا
عندما دخلت الطائرات بلا طيار التي تحمل اجهزة تصوير و صواريخ صغيرة
يتم التحكم بها عن بعد ، اصيب العدو بحالة ذعر شديد لا سيما ان اجهزة
المراقبة الحديثة لم تتمكن من كشف الطائرات قبل اختراقها للاجواء الفلسطينية
المحتلة . و ايقن العدو بان المقاومة ليست نائمة بل انها في عملية تطوير دائم
لقدراتها و انها تستغل كل فرصة في مجال التصنيع العسكري و التخطيط الاستراتيجي .
و لهذا تحركت اجهزة الاستخبارات الصهيونية و بالتعاون مع عملائها المحليين
و الاقليميين للبحث عمن يقف خلف هذا التطور النوعي في المواجهة العسكرية
بين كيان الاحتلال و بين المقاومة الفلسطينية . نعم تمكن العدو من الوصول
لهذا الفدائي العربي الكبير ، لكنها لا و لن تتمكن من وقف ابداعات المقاومة،
لان هذا نهج اصيل فيها و ليس وضع طارئ عليها . تماما مثلما فشلت سابقا
في وقف اعمال التصنيع للصواريخ و العبوات من خلال اغتيال قادة و
مبدعين و علماء ،فالعمل المقاوم لا ينحصر باشخاص بل بإطار كامل
متكامل ، و لان الابداع و تطوير عمل المقاومة امر متواصل و متصاعد
مادام الاحتلال قائما على ارض فلسطين . و لرجال المقاومة ، رفاق الشهيد
محمد الزواري نقول : انتم اصحاب الدم ، لا تدعو الصهاينة و عملائهم
في منأى عن القصاص . كل شريف يعلم ان المقاومة لا تنس دماء الشهداء .