recent
أخبار الساخنة

أيتها الارض انت عشقنا الابدي بقلم : ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية

عندما ننطق باسمك ينتابنا الحنين ، تتملكنا رغبة جامحة بالنظر الى جمالك الأخاذ.

كيف نطفئ لهيب الشوق يا فلسطين ؟ كم كبرنا و كبرت همومنا و بقيتِ

انت اكبر همنا ، و لن يزول الهم الا بزوال سببه . لقد سئمنا من الوجوه

القبيحة ، من الرؤوس الفاسدة التي تتدلى منها الضفائر و تعتليها القلنسوات

و تعشعش فيها خبايا الاساطير و الخرافات القديمة . نراهم كالغربان ينعقون

في فضائنا ، يدنسون ترابنا و ينهبون اراضينا . يقتلوننا و يتهموننا بالارهاب ،

ثم نجد من يبرر لهم ارتكاباتهم الشنيعة ! يذرف دموع التماسيح على القاتل ،

و يلعن الضحية سرا و علانية لانها انهكت المجرم ، و لم تهيئ له الاجواء

المناسبة لارتكاب جريمته بصمت و هدوء ! قد نتفهم هذا من بني الاصفر،

لكننا لا نقدر على تفسيره عندما يأتي من بني جلدتنا . سئمنا منكم يا اشباه

الرجال و لا رجال ، يا من تنطقون بلغتنا و لهجتنا و قلوبكم متحجرة و سيوفكم

مسلطة على رقابنا . لم نعد نفرق او نميز كثيرا بينكم و بينهم ! 

و تبقين رغم بشاعة الصهيوني فوق ثراك الطاهر جميلة كجمال وجه جدتي .

طيبة كبرتقال يافا ، شامخة كجبال الكرمل ، عميقة كجذور الزيتون في الجليل . 

لم نجد ارضا توازيك بالقداسة و البركة و الجمال ، فعشقناك عشقا ابديا

غير قابل للانفصام . عشق يتوهج و يتجدد و يتصاعد ، يتوغل في شغاف 

قلوبنا ، يجري جريان الدم في اوردتنا . صرنا اسارى لهذا العشق ، آلفناه،

تغلغل في عروقنا ،و سيبقى فينا ما بقينا . برغبتنا و بكل ارادة فينا نريد ان يبق 

هذا الوثاق الذي يجمع ارواحنا بالبيت المقدس ، و بهوائك الذي تنفسه

قبلنا الانبياء و الصالحين ،بترابك الذي تضمخ بدماء الصحابة و الشهداء .

كم من الشعوب تخلت عن اوطانها ، رضخت لمستعمرها ، انسلخت عن تاريخها .

كم شعب في هذا العالم المترامي الاطراف اضاع لغته ، تنكر لعاداته و تراثه ،

تبخر شيئا فشيئا كأنه لم يكن ! و بقي الفلسطيني كشجرة الجميز تمتد جذوره

عميقا في باطن الارض ، يورث اولاده و احفادة اللكنة الفلسطينية المتميزة ،

و مفاتيح بيته الذي لم يعد قائما ، و مسبحة صنعها من حبات زيتونته . 

يغرس في اذهانهم شكل بيوت القرية ، لون حجارتها ، صفاء هوائها .

يحكي لهم حكايا لم تمت مع التقادم . يعلمهم اسماء المدن و العائلات ، و اسماء 

القرى المحيطة و تضاريس الجبال و الوديان ، و قصص عن الطفولة و الشباب .

استلبت الارض من يديه و بقيت كما هي في وجدانه. بقيت فلسطين

بالحطة و العقال و الشروال و القنباز ، بالكانون و الحطب و القهوة

المرّة . بالطيبة و الالفة و العفوية . بالدبكة و الزفة و التعليلة . بالجهاد

و الكفاح و التضحيات . بالقسام و عبد القادر و عبد الرحيم و حسن سلامه .

بقي الفلسطيني يورث الشهامة و الكرامة و العزة من جيل الى جيل . يزرع حب

الدين و الارض ، و يؤكد بان السعادة لا تكون الا على هذه الارض المباركة .

لقد مر من هنا عشرات الغزاة و الفاتحين ، و بقيت الارض هي الارض،

تلفظ كل دخيل و لا تقبل الا ابناءها الحقيقيين . قبل خمسة آلاف عام جاء العرب 

و اعطوا لهذه الارض لونها و خضرتها و لغتها و اسمها ، كانت فيهم البداية 

و ستكون النهاية . سيبقى اسم فلسطين مرسوما على راية من اربعة الوان .

ليس الفلسطيني من يُهزم امام عدوه ، او يقتلع من جذوره . ان الفلسطيني

الذي انتفض يوم الارض في مواجهة التهويد و سرقة الاراضي ، سوف يبقى

كالطود الشامخ لا تهزه الرياح ، و سيعود الى وطنه فاتحا منتصرا باذن الله .

google-playkhamsatmostaqltradent