recent
أخبار الساخنة

والد منى: ضاع الأمل .. وأصابع التقصير تشير إلى الـ “أونروا”


بين أروقة منزلها في مخيم “نهر البارد” شمال لبنان، ما زالت روح الطفلة منى عثمان تطوف في الأرجاء، وفي عيون أسرتها، ألف دمعة ودمعة، تحكي قصة معاناة ابنتهم قبل وفاتها، والتي تختزل معاناة أبناء المخيمات في لبنان.

منى البالغة من العمر 11 عاماً، غادرت الحياة، بعد صراع مع المرض، لتنضم إلى قافلة وفيات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين لقوا حتفهم على أسرة مستشفيات غير متخصصة، لا ترقى لعلاج حالاتهم المستعصية، بحسب عائلة منى.

والد منى..ضاع الأمل

والد الطفلة المفجوع منذر عثمان، يقول في حديث لـ”قدس برس”، إن ما دمّر منى بشكل كبير، تباطؤ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيون “أونروا”، في نقلها لمستشفى متخصص، الأمر الذي أدى إلى تراجع حالتها الصحية مع مرور الوقت.

وعانت الطفلة منى من مرض السّحايا بالإضافة الى خلل في الإفراز الكهربائي الموجود في الرّأس، فنقلت على إثرها إلى مستشفى “الخير” في منطقة “المنية” بطرابلس.

وعندما طلبت إدارة المشفى من الأونروا نقلها إلى مستشفى آخر متخصص لعلاج وضع الطفلة الخطير، كونها لا تملك التجهيزات الكافية لذلك، رفضت الوكالة الأممية، لعدم وجود أسرّة في مستشفيات المنطقة، بحسب ما ذكر والدها.

وأضاف أن الأونروا كانت على دراية بحالة طفلته الصحية منذ عام 2010، و”كان من الممكن أن يُعالج الوضع بدفع المال، لكن لم تقدم أو الوكالة أو أي من الفصائل شيء”.

ويتابع قائلاً: “وبعدما دخلت منى في حالة الموت السريري، تحرّك الجميع، وباتوا مستعدين لدفع المال، بعدما تهربوا في البداية، لكن الأمل ضاع، وتدهورت حالة طفلتي حتى ماتت”.

سوء الوضع الصحي الذي وصلت إليه الطفلة الفلسطينية قبل مفارقتها الحياة، إلى جانب الضغوط الإعلامية، دفع بالأونروا إلى إيجاد سرير لها في مستشفى النقيب بصور (جنوب لبنان)، شرط دفع مبلغ مالي قيمته 2000 دولار للصندوق، وهو ما لم يستطع والدها سوى تأمين نصفه.

ويقول: “طلبت من مسؤول الأطباء في الشمال الدكتور عماد المطري أن ينقل ابنتي إلى مستشفى النقيب، لدي ألف دولار، وسأحاول تأمين المبلغ الباقي بأسرع وقت، لكن صحة منى لا تتحمل التأخير، فكان ردّه: هيدي مشكلتك مش مشلكتي”.

الاونروا هي المسؤولة

مسؤول ملف “نهر البارد” في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أحمد الأسدي، حمّل الأونروا المسؤولية الكاملة لما حدث مع الطفلة منى، مؤكداً أن انتهاجها (الوكالة) سياسة التقليص وتجريد اللاجئين من الخدمات الطبية التي كانت متوفرة سابقاً، يفاقم من المعاناة ويزيد من قائمة من توفوا بسبب التقصير دون أن يحرّك أحد ساكناً.

ويضيف في حديثه لوكالة “قدس برس”، “نطالب الأونروا بالتراجع عن سياستها الرعناء والتي تتمثل بحصر تعاقدها مع مستشفيات غير مجهزة والتي لا تملك أدنى معايير الخدمة الاستشفائية والتعاقد مع مستشفيات تخصصية ذات تجهيزات”.

وأشار إلى أنه تم اعتماد الطبابة في العيادات الخاصة بنسبة كاملة، أما المستشفيات فلا تلتزم الأونروا سوى بنسبة 50 في المائة، والباقي يلقى على عاتق المريض الفلسطيني الذي يعاني بالأساس من وضع معيشي صعب.

كذب وتسويف

وتابع: “إدارة الأونروا تقول إنها تزيد من خدماتها الطبية ولم تقصّر، ولكن هذه أكاذيب وتسويف لا تنطلي علينا”.

وشدد الأسدي على ضرورة تحرك المؤسسات الدولية والسلطات اللبنانية في ظل معاناة اللاجئين الفلسطينيين بما يتعلق بمسألة الطبابة بشكل خاص، مضيفاً: “لا بد من الجميع أن يتحرك، وصل حال شعبنا أن يموت على أبواب المستشفيات، اليوم منى، وقبلها إسراء ولا نعلم من غيرها القادم”.

وطالب المسؤول الفلسطيني الفصائل باتخاذ موقف حقيقي للضغط على الأونروا، والتواصل مع الدول المانحة لتقديم المزيد من الأموال.

من جهتها، نفت الأونروا أن يكون هناك أي تقصير من جهتها تجاه خدمة الاستشفاء للاجئين الفلسطينيين.

وقالت على لسان رئيس قسم الصحة التابع لها الدكتور ناجح صادق، إن “هناك صندوق إضافي للاستشفاء نساعد من خلاله الحالات الخاصة، بحسب التقديرات الطبية التي تدرس بعناية كل حالة تحتاج إلى معونة”.

وأضاف في تصريحات صحفية: “نقدر وضع الطفلة منى، ونقدم التعازي لأهلها، لكننا بذلنا جهدنا لمساعدتها، عبر إيجاد سرير طبي لها في أي مستشفى بلبنان دون جدوى (..) حالتها كانت صعبة للغاية”، حسب قوله.

يذكر أن الطفلة إسراء إسماعيل وجّدتها قد فارقتا الحياة أيضاً في تشرين أول/أكتوبر الماضي، إثر تعرضهما لحادث دهس قرب مخيم “نهر البارد”، حيث تمّ نقلهما إلى مستشفى “الخير”، الذي يفتقر للإمكانيات اللازمة، وتوفيتا بعد مناشدات للأونروا بنقل المصابتين إلى مستشفى آخر ولكن دون أي تجاوب.

وكانت اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، قد طالبت “أونروا” بـ “التراجع الفوري عن قراراتها الجائرة بحق الفلسطينيين اللاجئين قسرا للبنان، والعودة لنظام الاستشفاء الكامل وعدم تحميل المريض أعباء مالية تحت أي ظرف، فيما تقول الأونروا إنها تعاني من عجز في الموازنة.

_______

من ولاء عيد تحرير إيهاب العيسى
google-playkhamsatmostaqltradent