لم يكن الامر يحتاج لاكثر من موقف وجداني و صحوة ضمير .
كان بحاجة للفتة انسانية ، و لتغليب قيمة الانسان على المادة .
لو حصل هذا لما فجعنا بموت منى ! من المسؤول عن موت
الطفلة الفلسطينيه ، او بالاصح عن مقتلها ؟ نريد ان نستفهم
لنعرف القاتل ! الاونروا .. السلطة الفلسطينيه .. الدول
العربيه.. الدولة اللبنانيه .. ادارة المستشفى .. الاغنياء القادرين
على مد يد العون .. اليهود الذين تسببوا باللجوء .. الزمن العربي
الغابر ... من .. من قتل منى ؟من قتلها ليغرز الخنجر في ضمائرنا،
و نكتشف حقيقة تم اكتشافها مئات المرات باننا لا نتكئ على حائط .
و لا مهرب لنا من مواجهة الموت البطيئ او السريع ، فالموت
آتينا يوما بالطائرات و يوما بالحصار او القهر او المرض.
ربما كل اؤلئك الذين ذكرناهم مسؤولين عن موت منى ، ربما نحن
ايضا ، انا و انت ! كم من الاطفال سيموتون حتى نعرف القاتل ،
حتى نوجه له اصبع الاتهام ، و نصرخ بملئ افواهنا : ايها المجرم
انك تقتل اطفالنا ، ايها السادي انك تتلذذ على آلامنا ، ايها الوحش
ان انيابك تنهش في لحومنا الطريه ، لقد عرفناك و ظهرت لنا
حقيقتك المجردة . انصرف قليلا حتى ينعم اطفالنا بقليل من الطفولة .
كم منى ستلحق بمنى ، كم منى سنبكي عليها ؟ كلما طوت الايام
ذاكرتنا على طفلة استيقظنا على صورة مؤلمة لغيرها . لم تعد
قلوبنا تحتمل كثيرا من الصور ، صورة من غزة و اخرى
من ادلب ، صورة من الضفة و صورة من تعز و مأرب !
صور تدمي قلوبنا و نحن في حيرة من امرنا ، لم يقل لنا احد
من القاتل ؟! نحن نعرفه معرفة جيدة ، لكنه يختبئ خلف آلاف
المبررات ، و يملك وسائله التي تقنعنا بان القاتل غيره ، او انه
مجهول ، و ان الملف قد اقفل و القضية انتهت ! و ننتظر كارثة
اخرى تماما مثل حالتي اسراء و منى ، و تبقى القضية تفتح و تغلق .
ايتها الانروا كفاك عبثا بارواح اطفالنا ، و انت ايها الممثل الشرعي
كفاك اهمالا فالاموال التي تذهب الى جيوب المفسدين كافية
لحل هذه المشكله . و انتم ايها الحكام العرب كفاكم اسرافا على
ملذاتكم و فجوركم فاموالكم المبعثرة على طاولات القمار و الملاهي
الليليه هي حق لاطفال الامة ، و وظيفتها نهضة الامة و بناء المشافي
و الجامعات و المصانع . اما الدولة اللبنانيه نقول لها ان المقيمين
عندكم من البشر ، تحملوا مسؤولياتكم تجاههم . و انتم يا من
تديرون المستشفيات غلبوا الانسانيه ، فاين دوركم الرحيم ؟ الانسان
اسمى من حفنة المال، قوموا بدوركم ثم طالبوا بحقوقكم . و اما
الاغنياء فان عليكم واجب شرعي و انساني تجاه الفقراء ستسألون
عنه يوم القيامة . و اما اليهود الذين يحتلون بلادنا و يتسببون
في تشردنا و آلامنا ، لن تنعموا بالراحة و الامان في فلسطين .
و ستلاحقكم اللعنات حتى قبوركم ، فاطفالنا الذين يموتون
على ابواب المشافي او من الحصار و الجوع انتم مسؤولون عنه .
نودع طفلتنا و في قلوبنا حرقة ، نتلوى من الالم ، و
نسلم امرنا لله . " و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون "