recent
أخبار الساخنة

معادلة السقوط

الصفحة الرئيسية


ظافر الخطيب

اثبتت الاشتباكات الدموية التي شهدها مخيم عين الحلوة واستمرت لعدة أيام أن المجتمع الفلسطيني في لبنان يفتقد الى قيادة حقيقية تمتلك ارادة فلسطينية و تنطلق في سلوكها على مستوى التفكير ، القرارات و الاجراءات من واقع تقديرها للمصلحة الوطنية العليا، وقدرتها على: 

1. التحرك الاستباقي قبل اندلاع الاشتباكات 

2. او التدخل الحاسم اثنائها لوقفها و منع تطورها

3. القدرة على التحرك السريع لرصد نتائج الاشتباكات وأُثارها السياسية، المادية، والمعنوية .

صحيح ان هناك مسميات كثيرة لآطر قيادية يفترض انها تلعب الدور المرجعي القيادي على الصعيد الفلسطيني في لبنان و على صعيد عين الحلوة، فهناك لجنة المتابعة العليا، وهناك اللجنة الأمنية العليا، وهناك القيادة اليومية، غير أن هذه الاطر لم تتحول يوماً الى اطر حقيقية، هي اطر تفيد في الاستعراضات الاعلامية لا اكثر ولا اقل. واذا كان الامتحان هو المحطة الحاسمة لقياس النجاح من السقوط، نزولاً عند المثل المعروف ، عند الامتحان يكرم المرء او يهان، فإن تجربة الاشتباكات في عين الحلوة واستمرارها و اثارها هي خير دليل على سقوط او عقم القيادات الفلسطينية العليا والوسطى. 

ولكن لنفترض ان هناك قيادة فلسطينية حقيقية وتنطلق بعملها من حماية وتأمين المصالح الفلسطينية العليا، لنفترض انها جميعها، من منظمة الى تحالف الى قوى اسلامية ، قيادات ذات ارادات فلسطينية فعالة، لنفترض ان الجسد الفلسطيني في لبنان ليس مبتور الرأس او عقيم الفعل، فإن عليها:

· النزول من البرج العاجي والعودة للإنسان الفلسطيني والتفاعل معه ، فإذا كانت شرعية القيادة قد استمدت سابقاً من الرصيد الذي راكمه النضال الوطني الفلسطيني، فإن هذه الصلاحية انتهت ، و بات عليها ان تجدد شرعيتها الشعبية من خلال تأييد الناس لها، وهو ما لن يحصل دون ان يشعر الانسان الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية ان هذه القيادات تدرك مصالحه، وقادرة على التعامل مع متطلباته الاساسية. فالقيادات الفلسطينية انما وجدت لتخدم الناس لا لتكون ابتلاءً عليهم. 

· على القيادة الفلسطينية في لبنان و بمختلف اتجاهاتها، ان تكون صريحة مع الناس، فإن كان فوضى السلاح، والقتل المجاني ، والاشتباكات المتنقلة، هي مرحلة جديدة من الفوضى ، وانها عاجزة عن الحل فالتقل ذلك بصراحة كاملة، لانها هنا إنما تعبر عن عجزها الكامل و استقالتها من الدور فعليا. 

· ان تجربة القوة الامنية التي انطلقت من المبادرة الفلسطينية هي تجربة فاشلة ،أو انها افشلت بفعل الفساد و سياسية المحاصصة، عدا عن كونها شكلت على اساس فصائلي وليس على اساس ان تكون فاعلة وقادرة على حماية المجتمع الفلسطيني و ضبط الفلتان الامني.

· التعامل بواقعية حقيقية ازاء واقع ومستقبل المجتمع الفلسطيني في لبنان، وعدم الاكتفاء بالعموميات المقيتة، فالواقع يقول حتى الان ان الازمات الفلسطينية على المستويات الامنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية... ستزداد و تتعمق، وانه لا حلول حقيقية في المدى المنظور.

· التعامل مع الحالات الجرمية بشكل واضح، فعمليات القتل التي ترتكب في المخيم و خاصة منها الاغتيال السياسي ، هي جرائم و مرتكبيها هم مجرمون، وهو عنوان يتعلق بالقيادات الفلسطينية عامةً و القوى الاسلامية خاصةً، باعتبارها تتحدث عن المسالة بشكل موارب ، فلا هي تدين المجرم ولا هي تضرب على يده. 

حتى ما قبل الازمة الاخيرة كانت السياسات الفصائلية عبر اللعب عند حافة الهاوية، قادرة على ادارة الازمات وملء الفراغ، الاشتباك الاخير هو منعطف نوعي، يتجه اما سلباً واما ايجاباً، الناس مؤمنة بعجز القيادات، لذلك فإنها تبحث عن الخيارات الفردية الذي يقودها الى سفن الموت في ليبيا، فهل يمكن ان نقول ان الاتجاه الشعبي، المزاج الشعبي هو الاستفتاء الحقيقي على القيادات الفلسطينية بكافة اتجاهاتها، الوطنية والاسلامية واليسارية.

لقد قالت الاشتباكات الاخيرة الكثير من الكلام الواضح والصريح، لكنه كلام خطير ، قاتل ، مخيف ، مرعب ، دموي ، متشائم، مدمر، فهل نعي ونفهم ما قالته الاشتباكات الاخيرة.

الاشتباكات الاخيرة قالت بثنائيات المعادلة: 

· معادلة المخيم الفلسطيني = العودة = الوطن فلسطين صارت معادلة قديمة، ومعادلة اليوم تعني الموت والقتل.

· الموت او الهجرة

· البقاء وسط الخوف او الهرب عبر سفن الموت في مصراتة.

· البقاء دون كرامة او الهرب نحو بلدان تحترم كحد ادنى حقوق الانسان

· البقاء في مخيم تخطفه مجموعات قاتلة تخطف المخيم برهانات دموية ، خيالية او الهرب نحو أي استقرار حتى ولو كان خادعاً تحمله سيكارة الحشيشة وحبوب الهلوسة.

· الاشتباكات الاخيرة قالت ان المخيم لم يعد له وجود وان البديل هي الاحياء ولاحقاً العائلات و نزعات الافراد.

· الموت فقرا او الموت برصاص قناص فلسطيني.

· الاشتباكات الاخيرة قالت بمعادلة القتل والقتل المضاد، التكفير والتكفير المضاد

قالت الاشتباكات الاخيرة ما قالت، ولكن القيادات الفلسطينية لم تقل شيئاً ، وإذا انتهى الشعب الفلسطيني في لبنان، فهل يبقى هناك مكان للقيادات الفلسطينية..........



google-playkhamsatmostaqltradent