recent
أخبار الساخنة

عين جالوت .. نهوض امة

الصفحة الرئيسية


"اخرجوا وأنا أضمن لكم على الله النصر" ، كلمات قالها سلطان العلماء

الامام العظيم العز ابن عبد السلام للملك المظفر سيف الدين قطز و 

للجيش الاسلامي الذي اعد العده ، و اخذ بكافة الاسباب لمواجهة

اكبر خطر هدد العالم الاسلامي و البشرية باسرها ، الخطر المغولي .

احتل الجيش المغولي الهمجي بقيادة هولاكو معظم دول اوروبا و آسيا.

قتل في طريقه ملايين الناس . كان يأمر بإبادة المدن و القرى باهلها 

حتى بعد استسلامها . لا يعرف الرحمة على طفل او شيخ او امرأة .

احتل معظم البلاد الاسلاميه بل يمكن القول ان كل البلاد الاسلاميه

اصبحت تحت سيطرة المغول ما عدا مصر ، التي طوقها و طلب

من قادتها الاستسلام . قضى على الدوله الخوارزميه العظيمه ، و على 

الدولة السلجوقيه ، و حتى دولة الحشاشين الاسماعيليين . و طوق

بغداد و ذبح مليون انسان من اهلها بعد استسلامهم، و قتل اعيان الدوله 

و على رأسهم الخليفه العباسي المستعصم بالله ، الذي اعدم رفسا بالاقدام .

أرسل القائد المغولي (كتبغا نوين) الذي خلف هولاكو في القياده ، 

خمسة من رجاله الى مصر يحملون رسالة تهديد ، و يطلبون الاستسلام

من غير شروط . جمع سيف الدين قطز الوصي على السلطان الطفل علي بن أيبك 

ابن شجرة الدر العلماء و القادة و السياسيين للتباحث في الامر . فكان الرأي 

خصوصا لدى سلطان العلماء العز ابن عبد السلام بالقتال و المواجهة 

و عدم الاستسلام تحت اية ظروف . و أفتى الامام العز بخلع الصبي

و تنصيب سيف الدين قطز على السلطنة ، لما يملكه من حنكة و جرأة

و اقدام . فامر قطز رحمه الله بشنق الرسل الاربعه على ابواب القاهره

على غير عادة المسلمين الذين لا يقتلون الرسل . لكنه اراد من فعله هذا

ان يبعث برسائل قويه للداخل و الخارج ، مفادها ان المسلمين يعلنون

الحرب و ان لا عودة عن هذا القرار . و انهم مستعدون لكافة الاحتمالات .

و اراد قطز من الداخل ان يعرفوا ان لا تخاذل و لا مفر ، فاما الاتكال

على الله و خوض الحرب دفاعا عن الامة و اما الموت تحت سنابك

خيول المغول . و هو بهذه الخطوة لم يترك مجالا للتردد او التراجع .

قال قطز مقولته المشهورة: «أنا مستعد ان ألقى التتار بنفسي

،يا أمراء المسلمين لكم زمان تأكلون أموال بيت المال،

وأنتم للغزاة كارهون. أنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني،

ومن لم يختر ذلك ليرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة 

حريم المسلمين فى رقابكم .ثم قال :من للاسلام إن لم نكن نحن ؟ 

بدأت القيادة و الشعب بكافة فئاته يهيئون لخوض المعركة الحاسمه

و المصيريه . و العلماء يقومون بالتعبئة و التحريض و شحذ

الهمم و التذكير بأيام الله و بفضل الجهاد و الثبات ، و انه من يقتل

فانه شهيد في سبيل الله . كان لكل فرد دور في هذه المعركة 

الفاصله التي تحدد مصير بقاء الامة الاسلاميه او زوالها .

كانت مصر هي الحصن الاخير بيد المسلمين ، و ما عداها 

اما تحت الاحتلال المغولي و اما ساقطة لا قيمة عسكريه لها . 

بعدما اعد الجيش الذي بلغ عدده 40 الفا و قسمه الى فرق

قرر ان يخرج لمواجهة المغول في فلسطين ، لكنه لاقى معارضه

كبيره من بعض القاده العسكريين الذين رأوا ان يدافعوا عن مصر

و لا يخرجوا منها . كانت لدى قطز ميزات عاليه في الاقناع

و خيال واسع في رؤيته و مفاهيمه العسكريه بحيث تمكن

من اقناع القادة بصواب رأيه . و هكذا انطلقت القوة الاسلاميه

الاولى بقيادة القائد العسكري المحنك الظاهر بيبرس الى غزة 

و هناك جرت معركة عنيفه مع القوة المغوليه المتمركزه

في غزه و فعلا تمكن الجيش الاسلامي من سحق القوة

المغوليه و ابادتها عن بكرة ابيها ، و كان للانتصار في غزه

وقعه على المغول و على مجريات الاحداث اللاحقه .

دخل الجيش الاسلامي بقيادة القائد الكبير سيف الدين قطز

و توجه الى شمال فلسطين حيث اختار له منطقه مناسبة

للقتال و كانت في سهل عين جالوت القريبه من مدينة بيسان .

سهل واسع منبسط تحيط به التلال المتوسطة من كل جوانبه

إلا الجانب الشمالي منه فهو مفتوح، كما تعلو 

الاشجار و الاحراش ، مما يوفر مخبأً مناسباً لجيشه فيسهل عمل الكمائن.

رتب جيشه بسرعه فوضع على ناحية السهل الشمالي

المقدمة بقيادة بيبرس، وجعلها في مكان ظاهر حتي يغري جيش

التتار بالقدوم إليه بينما أخفى بقية الجيش خلف التلال والأحراش،

كان ترتيب قطز وإعداده لخطة المعركة في 2 سبتمبر 1260م،

أي قبل يوم واحد من معركة عين جالوت.كما وفد

على جيش قطز أعداد كبيرة من متطوعي مدن وقرى فلسطين

للانضمام إليه، احتار قطز بهذه الأعداد المتحمسه التي ينقصها

التدريب العسكري، فقرر أن يضعهم في نقل العتاد والاهتمام

بشؤون الطعام والشراب وإمداد الجنود بالرماح والسهام،

ورعاية الخيول ونقل الجرحى والمصابين،

ووجه الجنود الذين كانوا يقومون بهذه الأعمال إلى الجيش

الرئيسي للمشاركة في المعركة . بعد ان صلى 

جيش المسلمين صلاة الفجر يوم الجمعة 3 ايلول 1260 

و تضرعوا الى الله ان يكون معهم و يمكنهم من النصر .

و في اول الشروق بدأت القوات المغوليه بالدخول الى سهل

عين جالوت حيث لم يظهر لهم الا مقدمة الجيش بقيادة الظاهر

بيبرس بينما كانت بقية فرق الجيش تتوارى خلف التلال و بين الاشجار .

لكن مع دخول الجيش المغولي و التحامهم بالقوة التي يقودها

بيبرس بدأت معركة فاصله و تاريخيه و حاسمه ستأسس

لواقع جديد في فلسطين و المنطقه . كانت ملحمة حقيقيه كاد

ان يخسر في بدايتها المسلمون ، فقام القائد الفذ قطز بنزع

خوذته و صرخ باعلى صوته : وا إسلاماه .. وا إسلاماه ...

و دخل يحارب في مقدمة الجيش ، حتى كتب الله لهم النصر .

عين جالوت معركة خالده ، استبسل فيها الجيش الاسلامي

المملوكي ، و قهر قوة عالمية انهكت معظم دول العالم ،فقد 

احتلت روسيا و الصين و اجزاء كبيره من اوروبا و آسيا .

و كان من اهم نتائج هذه المعركة الفاصله تحرير فلسطين

و كافة البلدان الاسلاميه من المغول و الصليبيين على حد 

سواء . و تخليص الانسانيه من هذه الاقوام الهمجيه التي

جعلت الدماء تسيل شلالات في كل منطقه دخلوها . كم

تحتاج امتنا في هذا الزمن العصيب لامثال قطز و بيبرس

و المنصور قلاوون و الاشرف خليل . و كم نحتاج لاعادة

دراسة تلك الامجاد و البطولات و التضحيات لنأخذ منها العبر

و الدروس التي تمهد لنا تحرير الاقصى الشريف من دنس الصهاينه .





ماهر الصديق





google-playkhamsatmostaqltradent