التقليصات الاخيرة للاونروا تأتي في ظل اوضاع مأساوية يواجهها
المواطن الفلسطيني خصوصا في لبنان ، حيث الاعمال شبه معدومة ،
و المتطلبات الانسانية كبيرة ، و القوانين اللبنانية بحق الفلسطيني
مجحفة . خصوصا القوانين القاسية التي تحرم على الفلسطيني العمل
في عشرات الوظائف ، بما يعني اقفال ابواب العمل في وجهه و بالتالي
منعه من العيش بحياة كريمة ، و هي دعوة صريحة و غير معلنة
للهجرة و مغادرة البلاد .
المواطن الفلسطيني في لبنان وقع تحت ظلم مركب ، شاركت فيه
اطراف متعدده ، لتيئيسه و جعله مستسلما لاية حلول تنتقص من حقه في
المقاومة و العودة الى وطنه المحتل . لقد عانى من واقع لاإنساني ، و معاملة
موغلة بالقسوة ، و نكران كامل لحقوقه الانسانية منذ ان وطئت قدماه
هذا البلد الشقيق . و بقي يتدرج من واقع قاس الى واقع اقسى ، و من
دمار الى دمار ، و من حصار الى حصار ، كأنه قادم من كوكب آخر !
استُهدف في دمه و قوت اولاده طيلة فترة اللجوء القسرية . و ها هو اليوم
يواجه موجه جديدة من القهر تتمثل بقطع التقديمات الضرورية من تعليم
و طبابة و مساعدات عينية للاكثر احتياجا من الفقراء المقيمين في واقع
مرير في مخيمات اللجوء .
الدولة اللبنانية لا تعترف في الحقوق الانسانية للفلسطينيين المقيمين
على اراضيها . ليس لهم ضمانات صحية او اجتماعية كأقرانهم اللبنانيين.
بالاضافة للقوانين العنصرية التي تمنعهم من حق التملك ، و عدم السماح
بادخال مواد البناء و غيرها من المواد الضرورية للمخيمات ، الا بكميات
قليلة و محدودة و مترافقة مع الابتزاز و التسويف .
اما السلطة الفلسطينية فانها تستخدم اموال المساعدات التي تأتي للشعب
الفلسطيني على اجهزتها الامنية ، و يستفيد منها ايضا رجالات السلطة
و دوائرها و منظماتها ، بالاضافة لما يذهب لجيوب مافيا الفساد و المرتزقة .
الدول العربية الغنية تستخدم الاموال الطائلة للحؤول دون تغيير في الواقع
الرسمي العربي المهترئ . تقدم المليارات للانقلابيين من امثال السيسي و حفتر
و غيرهما ، و هي اموال لو حولت نحو الخير و مساعدة ابناء الامة لما
كان هناك عجز في وكالة الغوث ، و لتم ايواء الاخوة السوريين الهاربين
من الموت. لكنها اموال تستعمل للتآمر على الامة ، و تنفق في البذخ
و الفجور. انها اموال بيد حكام لا يخافون الله و ليس لهم انتماء لدين
او امة او انسانية . كم من الارواح كان يمكن انقاذها من الغرق في البحار
او الموت على ابواب المشافي او حتى الموت جوعا لو تم توظيف الاموال
في مصلحة الامة و ابناءها ؟!
اما الدول الغربية فان ما تقدمه يجب ان يكون بثمن ، و الثمن المطلوب
من الفلسطيني هو كرامته الوطنية ، و التفريط بحقوقه و التخلي عن مقاومته .
هذه الدول بتنصلها عن مسؤولياتها انما تشارك بالجريمة التي يتعرض
لها الشعب الفلسطيني و قضيته الوطنية ، و هي نفسها التي ساهمت
في المأساة الفلسطينية عندما دعمت وجود دولة المسخ الصهيونيه .
و يبقى الفلسطيني يواجه الصعوبات وحيدا ليس له الا الله تعالى .
يصارع المحتل بصدره العاري ، و يدافع عن مقدساته التي تنتهك
على مرأى حكام العرب و في مدى نظر الدول الاعضاء في المنظمة الدولية .
يموت الفلسطيني لانه لا يملك قيمة علاجه ، و يُعمل على تجهيله
لانه لا يملك قسط مدرسته الثانوية و لا جامعته .
يريدون للفلسطيني ان يموت كي تموت معه القضية . يريدون للصغار
ان لا يتعلموا كي لا يفهموا قصة القضية ، و تموت معها احلامهم
في العودة للارض المقدسة . يريدون له ان يغرق في المحيطات
و ان يتبخر في الهواء، و ان يصاب باليأس و يتوغل في المجهول .
خابوا ... ان هذا الفلسطيني صاحب حق ، قادر على النهوض
حتى لو تخلت عنه كل امم الارض . ان خلايا دمه مركبة من عناصر
غير قابلة للتحلل . انه صبور كهدوء البحر ، ثائر كالبركان .
يتخلى عن كل شئ الا دينة و وطنه و شرفه و كرامته .
كم من الامم ارادته و ليمة على موائدها فغصت به و اختنقت .
و هذه المنظمة الدولية عليها مواصلة مهمتها الانسانية كونها مسؤولة
عن الواقع المزري الذي يعيشه المواطن الفلسطيني في الشتات ،
لان الكيان الذي اغتصب ارضه و تسبب في لجوئه اخذ "شرعيته"
المزيفة بقرارات دوليه . عليهم ان يقدموا خدماتهم الى حين عودة
الفلسطيني الى وطنه ، و عليهم ان يعلموا ان صبر الفلسطيني
له حد ، و عندما يغضب فان غضبه عنيف و رده شديد .
ماهر الصديق